0 تصويتات
في تصنيف اسئله إسلامية بواسطة (2.1مليون نقاط)

خطب مكتوبة مختصرة عن بداية الدخول المدرسي ملتقى الخطباء - خطبة بعنوان فضل العلم وتوجيهات بمناسبة بداية الدراسة والدخول المدرسي 1444

خطبة الدراسة في الجزائر 

خطبة بداية العام الدراسي

خطبة عن فضل العلم وتوجيهات بمناسبة الدخول المدرسي

خطبة محفلية عن بداية العام الدراسي قصيرة

خطبة عن المعلم ملتقى الخطباء

خطبة المدرسة 

خطب بداية العام الدراسي المعلم والمتعلم وولي الأمر 

محاضرة عن بداية العام الدراسي

خطبة الجمعة بإذن الله 

 : الدخول المدرسي .

الخطبة الأولى 

    الحمد لله الذي عَلّمَ بالقَلَم , عَلّمَ الانسان ما لم يَعلَم , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده علم الانسان ما لم يعلم , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , أستاذ المعلمين ومنهاج المتقين , أمرَهُ مولاهُ بطلبِ الزِّيادةِ مِنَ العلمِ فقالَ:﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ صلوات ربي وسلامه عليه , وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تمسك بسنته وسار على نهجه إلَى يومِ الدِّينِ .

 أما بعد : فاتقوا الله ربكم وأطيعوه , وراقبوه ولا تعصوه : ﴿ يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ 

 عباد الله : نعيش أجواء موسم دراسي جديد , يعود فيه أبناؤنا لمقاعد الدراسة , فأردنا أن نجعل من خطبتنا هذه خطبة تذكير وإرشاد . كلنا نعي ونعلم أن التربية والتعليم , منظومةُ متكاملةٌ وسِلسِلَةٌ مرتبطة بعضها ببعض , فعلى الآباء والمعلمين والمربين والطلاب , أن يتحملوا هاته المسؤولية ويؤدونها على التمام . 

أولا : طالب العلم : عليك بالإخلاص ثم الاخلاص , فالإخلاص سر النجاح , ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ والاجتهاد في تحصيل العلم النافع , فتنفع نفسك أولا ودينك ووطنك وتبني مستقبلك , مع الأخذ بالآداب والسلوك الحسن , واحترام المعلم وتبجيله , والصبر على تأديبه الشديد :

       قم للمعلم ووفه التبجيل : كاد المعلم أن يكون رسولا . 

إيها المسلمون : ثانيا : المعلم والمعلمة : اتقوا الله فيما استرعاكم اياه , وتذكروا قول النبي ﷺ :﴿ ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته , إلا حرم الله عليه الجنة ﴾ علموهم مما علمكم الله , وابذلوا لهم النصح والإرشاد , 1

مع الأخذ بالرفق واللين والصبر عليهم ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ النحل , فَرُبُّ جُورٍ نَشَبَ عنه هِجْرَانَ المدرسة والرُّكٌونُ إلى الشارع , ورد في صحيح مسلم ﴿ إن الله يحب الرفق في الأمرِ كُلِّهِ ﴾ , وفي الحديث: ﴿ لِيِّنُوا لمن تُعلِّمُونَ ولمن تتعلمون منه ﴾ الإحياء للحافظ , كونوا أمامَهُم قدوة حسنة , فيكفي معلم الناس الخير فخرا, أن الملائكة تصلي عليه , قال ﷺ:﴿ إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلمي الناس الخير﴾ الترمذي, ولكم من الأجر على حسب الصبر والعطاء , قال ﷺ :﴿ من علّم علما فله أجر من عمل به، ولا ينقص من أجر العامل شيء ﴾ ابن ماجه  

عباد الله : ثالثا : الأبوان : إذا كان ثلث المسؤولية بيد الطالب والمعلم, فعلى الأبوان الثلثان . 

ـ أيها الأبوان : إن الأبناء مسؤولية في أعناقكم , فيجب عليكم رعايتهم وتربيتهم , والسهر تعليمهم أمور دينهم ودنياهم , خصوصا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن , واشتدت فيه غُربة الدين , وتعددت فيه أسباب الفساد , حتى صار المربي مع أولاده كراعي الغنم , إن غفل عن ماشيته لحظة أكلتها الذئاب .

أيها الآباء : لا يكمل دوركُم في توفير الحاجيات المدرسية والنفقات اليومية , بل من واجب الأبناء عليكم , تربيتهم ومتابعتهم وارشادهم وتفقد حركاتهم واصلاح اعوجاجهم , لكي يَسُرُونكُم في المستقبل , لا تسمحوا لهم بالوقت الطويل مع الفضائيات والتسكع في الطرقات , راقبوهم أين يذهبون وكيف يخرجون ومتى يعودون ومن يصاحبون , ﴿ فالله سائل كل راع عما استرعاه , أحفظ ذلك أم ضيعه , حتى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عن أهل بيته ﴾ فيجب أن تكون لك غيرة على أبنائك في الخير 2

علــم بنيك صـغارا قبل كبرتهم :: فليس ينفـع بعــد الكبر أدب 

  إن الغصون إذا قومتها اعتدلت :: ولن يلين إذا قومتها الخشب .

أقول قول هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم

الخطبة الثانية

  الحمد لله رب العالمين , وأفضل الصلاة وأتم التسليم ,على أشرف خلق الله أجمعين, محمد وعلى أله وصحبه أجمعين . 

عباد الله : إن صلاح المدرسة بصلاح القائمين عليها , من مدراء ومعلمين وموظفين ومساعدين , فثمرة المدرسة ونُضْجِهَا بكم , أَعطُوا للمدرسة صورة حسنة , حتى يتأتى للطالب اتمام مشواره الدراسي , ويُزرع في قلبه محبة المدرسة والتعلم , وعليكم بالرفق ثم الرفق , وأداء الأمانة بصدق ورد في الحديث ﴿ إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه , ولا ينزع من شيء إلا شانه ﴾ فتح الباري, والاحسان إلى التلميذ بحسب حاله , والصبر على جفائه وسوء آدابه والتغاض عن زلاته , لاسيما إذا كان التلميذ صغير السن , فينبغي أن يُتَّخَذ ابنا شفوقا . 

بهذا ننشئ مدرسة قائمة على أُسُسِ الدين , ونَحصِدُ جيلا صالحا, ونَسعَدُ بالغَلَّةِ في الدارين , ونرقى إلى مجتمع أسمى وحياة مرضية , وتزدهر الأمة الاسلامية وترقى , ونأمن من فتن الشوارع واهمال البيوت , ونترك جيلا صالحا يدعوا لنا ﴿ أو ولدا صالحا يدعوا له ﴾ .

اللهم اجعل هذا الموسم موسم خير على أولادنا ومعلمنا ووطننا , اللهم علمهم ما جهلوا وانفعهم بما علموا , وزدهم علما على علم وويقين وثبات على الدين , وخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم , وقُرّ بهم أعيننا يوم لقائك يا ب العالمين. 

الصلاة على النبي محمد ﷺ , الخاتمة .

تابع قراءة المزيد من الخطب على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية وهي كالتالي 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

خطبة 2/بمناسبة الدخول المدرسي خطبة الجمعة بعنوان :
فَضْلُ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَعَزَّ بِالعِلْمِ وَأَكْرَمَ، وَأَذَلَّ بِالجَهْلِ وَأَرْغَمَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ تَعَلَّمَ بِالْوَحْيِ وَعَلَّمَ، وَبَدَّدَ ظُلُمَاتِ الجَهْلِ وَفَهَّمَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا عَدَدَ مَا طَلَعَ عَلَيْهِ النَّهَارُ مِنْ رِمَالِ بَرٍّ وَقَطَرَاتِ يَمٍّ، وَعَدَدَ مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَظْلَمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ - عِبَادَ اللهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، وَالعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ، وَبِتَوْقِيرِ مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ؛ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( [الحديد:28].
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ لِلْعِلْمِ مَكَانَةً عَالِيَةً مُنِيفَةً، وَمَنْزِلَةً سَامِيَـةً شَرِيفَةً؛ فَفَضْلُهُ الفَضْلُ الَّذِي لَا يُبَارَى، وَشَرَفُهُ الشَّرَفُ الَّذِي لَا يُجَارَى، فَهُوَ مِيرَاثُ الأَنْبِيَاءِ، وَحِلْيَةُ الأَوْلِيَاءِ، وَزِينَةُ المُتَّقِينَ، وَبَهَاءُ العَابِدِينَ، وَعُدَّةُ الْغَيَارَى، وَدَلِيلُ الحَيَارَى؛ لِأَنَّهُ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمَصَابِيحُ الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ، يَبْلُغُ الْعَبْدُ بِهِ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الدُّنْيَا وَفِي دَارِ الْقَرَارِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يَعْدِلُ الصِّيَامَ، وَمُدَارَسَتُهُ تَعْدِلُ الْقِيَامَ، بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ، وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ، يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: )يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ( [المجادلة:11]. وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالاِسْتِزَادَةِ مِنْ شَيْءٍ كَمَا أَمَرَهُ بِالِاسْتِزَادَةِ مِنَ الْعِلْمِ، فَقَالَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: )وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ( [طه:114]، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا لِلْعِلْمِ مِنْ أَثَرٍ عَظِيمٍ  فِي حَيَاةِ الْبَشَرِ؛ فَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمُ الأَحْيَاءُ أَبَدَ الدَّهْرِ، وَسَائِرُ النَّاسِ أَمْوَاتٌ مَا دَامُوا بِلَا أَثَرٍ.
وَبِالْعِلْمِ ارْتَقَتْ أُمَمٌ، وَسَادَتْ قِيَمٌ، وَبُنِيَتْ أَمْجَادٌ وَصِنَاعَاتٌ، وَشُيِّدَتْ مَمَالِكُ وَحَضَارَاتٌ؛ فَأَوَّلُهُ سُمُوٌّ وَسُؤْدُدٌ وَعَنِ الجَهْلِ جُنَّةٌ، وَآخِرُهُ يَسْلُكُ اللهُ بِهِ صَاحِبَهُ إِلَى الجَنَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا؛ سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
وَيَكْفِي الْعِلْمَ فَخْرًا وَمَنْزِلَةً: أَنَّهُ يَدَّعِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنَّ عِلْمَ الْمَرْءِ خَيْرٌ مِنْ مَالِهِ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْمَ يَحْرُسُكَ، وَالْمَالَ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْمَ حَاكِمٌ وَالْمَالَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ، مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ؛ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَآثَارُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ». وَقَالَ عَبْدُ الْـمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ رَحِمَهُ اللهُ لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنْ كُنْتُمْ سَادَةً فُقْتُمْ، وإِنْ كُنْتُمْ وَسَطاً سُدْتُمْ، وإِنْ كُنْتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ».
أُمَّةَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ:
وَإِذَا كَانَ فَضْلُ العِلْمِ هَكَذَا، يُشَارُ إِلَيْهِ وَيُذْكَرُ؛ فَإِنَّ فَضْلَ أَهْلِهِ عَظِيمٌ لَا يُنْـكَرُ، وَأَثَرَهُ فِي النَّاسِ كَبِيرٌ لَا يُحْصَرُ؛ فَالعُلَمَاءُ هُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى، وَالأَدِلَّاءُ عَلَى الْهُدَى، فَقَدْ قَرَنَ اللهُ شَهَادَةَ مَلَائِكَتِهِ وَأُولِي الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: )شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ( [آل عمران:18] وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا المَقَامِ، لَا تُدَانِيهَا خُصُوصِيَّةٌ لِأَحَدٍ مِنَ الأَنَامِ. وَهُمْ أَهْلُ خَشْيَةِ اللهِ وَمَخَافَتِهِ، وَأَرْبَابُ تَعْظِيمِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ، )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ( [فاطر:28]، وَالْخَشْيَةُ هِيَ خُلَاصَةُ العِلْمِ وَالإِيمَانِ، وَالمُرَاقَبَةُ هِيَ نِهَايَةُ التَّبْجِيلِ وَالعِرْفَانِ. وَمِمَّا يَزِيدُهُمْ فَضْلًا وَرِفْعَةً: أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُونَ لَهُمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ؛ وَلِمَ لَا وَهُمْ وُرَّاثُ النَّبِيِّـينَ، وَطُلَّابُ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ؟! فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ]، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوتَ: لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ».
يَا أَهْلَ العِلْمِ وَالفَضْلِ
وَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِذَاكَ الشَّرَفِ المُنِيفِ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُهُ بِهَذَا المَوْضِعِ الشَّرِيفِ؛ فَإِنَّ عَلَى المُعَلِّمِ أَنْ يُقَدِّرَ شَرَفَ العِلْمِ وَمَنْزِلَتَهُ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُ قَدْرَهُ وَمَكَانَتَهُ، وَأَنْ يَقْصِدَ بِتَعْلِيمِهِ نَفْعَ النَّاسِ وَرَفْعَ الجَهْلِ عَنْهُمْ، وَيَتَّبِــعَ هَدْيَ النَّبِيِّـينَ وَأَهْلِ العِلْمِ الرَّبَّانِيِّينَ فِي تَبْلِيغِهِ لَهُمْ، فَمَا عُظِّمَ العِلْمُ بِمِثْلِ تَعْظِيمِ حَمَلَتِهِ لَهُ، وَبَذْلِهِ لِطَالِبِيهِ مِنْ أَهْلِهِ، مَعَ العِنَايَةِ بِالعَمَلِ بِهِ، وَالتَّرَفُّعِ عَنِ النَّقَائِصِ وَالتَّأَدُّبِ بِأَدَبِهِ؛ لِيُؤْتِيَ ثِمَارَهُ لِحَامِلِهِ وَلِلنَّاسِ يَانِعَةً، وَيَبْنِيَ شَخْصِيَّةً مُسْلِمَةً مُؤَثِّرَةً نَافِعَةً؛ إِذِ العَمَلُ بِالعِلْمِ هُوَ ثَمَرَتُهُ المَرْجُوَّةُ وَغَايَتُهُ المَأْمُولَةُ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ؛ وَإِلَّا ارْتَحَلَ».
وَالمُعَلِّمُ النَّاجِحُ هُوَ ذَاكَ الَّذِي يَكُونُ مُخْلِصًا فِي تَعْلِيمِهِ، صَادِقًا فِي تَوْجِيهِهِ، عَادِلًا مَعَ تَلَامِيذِهِ فِي المَنْعِ وَالعَطَاءِ، قُدْوَةً لَهُمْ مُتَخَلِّقًا بِأَخْلَاقِ العُلَمَاءِ، مُتَنَزِّهًا عَنِ الطَّمَعِ وَالإِلْحَافِ، بَعِيدًا عَنِ التَّبَذُّلِ وَالإِسْفَافِ، يَبْنِي النُّفُوسَ وَالعُقُولَ مَعًا، وَكُلَّمَا صَانَ المُعَلِّمُ العِلْمَ عَظُمَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ وَكَثُرَ الرَّاغِبُونَ، وَكُلَّمَا تَبَذَّلَ بِهِ هَانَ فِي أَعْيُنِهِمْ وَازْدَادَ المُعْرِضُونَ، وَلِلَّهِ دَرُّ القَائِلِ:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ          وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِـنْ  أَذَلُّـــوهُ  فَــهَانَ  وَدَنَّسُـوا          مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى  تَجَهَّمَـــا
وَلْيَـكُنِ المُعَلِّمُ رَحِيمًا رَفِيقًا بِمَنْ يُعَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُحَقِّرٍ، صَبُورًا غَيْرَ مَلُولٍ وَلَا مُتَضَجِّرٍ، مُتَوَاضِعًا لَهُمْ مُشْفِقًا عَلَيْهِمْ، يَعُدُّ نَفْسَهُ بِمَنْزِلَةِ الوَالِدِ الشَّفُوقِ؛ لِأَنَّهُ قُدْوَتُهُمْ مِثْلَمَا يَرَوْنَهُ، وَنِبْرَاسُهُمْ لِلْعُلَا كَمَا يَرُومُونَهُ، فَأَنْتَ -أَيُّهَا المُعَلِّمُ- الَّذِي تُرَبِّي النُّفُوسَ وَتَصْنَعُ الأَبْطَالَ، وَتُغَذِّي العُقُولَ وَتَبْنِـي الْأَجْيَالَ؛ أَنْتَ حَامِلُ رِسَالَةِ العِلْمِ وَالرُّقِيِّ وَالسَّلَامِ، وَرَافِـعُ مِشْعَلِ النُّورِ وَالْهِدَايَةِ لِلْأَنَامِ، فَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُفَرِّطَ فِي رِسَالَتِكَ العَظِيمَةِ، أَوْ تَسْتَهِينَ بِأَمَانَتِكَ الجَسِيمَةِ؛ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمْتُمْ مِنْهُ، وَلِمَنْ عَلَّمْتُمُوهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُقَوَّمُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِكُمْ» [رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَابْنُ عَبْدِ البَـرِّ].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْكَرِيمَ، واسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

  • الخطبة الثانية على التعليق تابع قراءة 
بواسطة (2.1مليون نقاط)
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ العِلْمَ مِيرَاثَ النَّبِيِّينَ، وَرَفَعَ أَهْلَهُ دَرَجَاتٍ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الدِّينِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سَخَّرَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَسْتَغْفِرُونَ لِلمُعَلِّمِينَ وَالمُتَعَلِّمِينَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ المَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ، وَزَيِّنُوا الْعِلْمَ بِالإِخْلَاصِ وَالفَهْمِ، وَجَمِّلُوا الطَّلَبَ بِالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
هَا هِيَ المَدَارِسُ سَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا، وَيَعُودُ إِلَيْهَا تَلَامِيذُهَا وَطُلَّابُهَا؛ لِيَبْدَأُوا مِنْهَاجَ عَامٍ جَدِيدٍ، فَنَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيدَ، ثُمَّ اعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ وَزَادَكُمْ عِلْمًا وَعَمَلًا - أَنَّ عَلَى طَالَبِ العِلْمِ وَاجِبَاتٍ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، وَأَخْلَاقًا لَا مَحَالَةَ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَجَمَّلَ فِي طَلَبِهِ بِالصَّبْرِ وَالْمُصَابَرَةِ، وَأَنْ يَلْزَمَ الجِدَّ وَالمُثَابَرَةَ، وَأَنْ يُصَحِّحَ القَصْدَ وَالنِّيَّةَ فِي طَلَبِهِ العُلُومَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ، فَيَنْوِيَ نَفْعَ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَأُمَّتِهِ؛ لِيَكُونَ عِلْمُهُ نَافِعًا لَهُ فِي الدَّارَيْنِ، وَشَفِيعًا لَهُ يَوْمَ الدِّينِ، وَلَا تَكُنْ غَايَةُ المُنَى وَالمَطْلَبِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى الوَظِيفَةِ أَوِ المَنْصِبِ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ الْهَيْثَمِيُّ وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ]. وَحَرِيٌّ بِطَالِبِ العِلْمِ أَنْ يَلْتَزِمَ - مَعَ مُعَلِّمِهِ - الأَدَبَ الجَمَّ وَالْخُلُقَ الأَكْرَمَ؛ إِذْ حَقُّ المُعَلِّمِ عَلَيْهِ كَبِيرٌ، وَخَيْرُهُ الَّذِي يَبْذُلُهُ لَهُ وَيُسْدِيهِ إِلَيْهِ كَثِيرٌ، وَلَا يُمْكِنُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمُعَلِّمِهِ كَثِيرًا مَا لَمْ يَحْتَرِمْهُ وَيُوَقِّرْهُ، وَيَتَأَدَّبْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُقَدِّرْهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: أَنْ يُحْسِنَ الاِسْتِمَاعَ وَالإِصْغَاءَ لِلْمُعَلِّمِ، وَلْيَسْتَمِعْ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَكَلَّمُ؛ فَإِنَّهُ فِي مَوْطِنِ تَعَلُّمٍ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ مَوْطِنِ تَكَلُّمٍ؛ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَـرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْهَيْثَمِيُّ وَالأَلْبَانِيُّ].  وَقَدْ أَوْصَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ابْنَهُ: «يَا بُنَيَّ: إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ، وَتَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَتَعَلَّمُ حُسْنَ الصَّمْتِ».
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ بَرَكَةِ العِلْمِ: أَنْ يَتَوَاضَعَ الطَّالِبُ لِمُعَلِّمِهِ، مَعَ احْتِرَامِهِ لَهُ وَلِينِ جَانِبِهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ  -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: «صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَةٌ لِيَرْكَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: خَلِّ عَنْهُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ وَالْكُبَـرَاءِ» [رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ عَبْدِ البَـرِّ وَغَيْرُهُمَا].
كَمَا أَنَّهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ: أَنْ يُوَجِّهُوا أَوْلَادَهُمْ إِلَى حُسْنِ الطَّلَبِ وَالأَدَبِ، وَأَنْ يُشَجِّعُوهُمْ عَلَى التَّفَوُّقِ وَالرِّيَادَةِ وَالنَّجَاحِ، وَنَفْعِ أَنْفُسِهِمْ وَدِيـنِهِمْ وَأُمَّتِـهِمْ لِلْوُصُولِ إِلَى غَايَةِ الظَّفَرِ وَالفَلَاحِ، وَيَغْرِسُوا فِي نُفُوسِ أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمُ الطَّلَبَـةِ وَالطَّالِبَاتِ حُبَّ المُعَلِّمِ وَتَقْدِيرَهُ، وَاحْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ؛ فَمَا مِنْ مُهَنْدِسٍ وَلَا طَبِيبٍ، وَلَا مُوَظَّفٍ وَلَا أُسْتَاذٍ وَلَا خَبِيرٍ، وَلَا مَسْؤُولٍ وَلَا وَزِيرٍ؛ إِلَّا وَلِلْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ فَضْلٌ وَمِنَّةٌ، فَلْنُقَابِلِ الإِحْسَانَ بِالإِحْسَانِ، وَلْنُجَازِ صَاحِبَ الجَمِيلِ بِالشُّكْرِ وَالْعِرْفَانِ.
هذا ولنجعل مسك الختام أفضل وأزكى السلام على سيد الورى وشفيع الأنام. فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وباركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد ].
0 تصويتات
بواسطة (2.1مليون نقاط)
خطبة الجمعة بعنوان:

"مدارسُنا.. مَحاضِنُ عِلْمٍ ومعاهِدُ تَربِيَة، لا معارضَ أزياءٍ وفضاءاتِ تسْلِيَة"

ــــــــــــــــ

خطبة عن بداية العام الدراسي الجديد الجزائر

الخطبة الأولى

الحمدُ لله الرَّحيم الرَّحمن، ((خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ))، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله المُؤيّد بالمُعجزات والبُرهان، المبعوثُ ليتمّم مكارم الأخلاق وكان خلُقه القرآن، صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم واقتفى أثرهم بإحسان.

أمّا بعد -فأيّها الإخوة المؤمنون-: أوصيكُم ونفسي -أوّلا- بتقوى الله وطاعته، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)).

معاشر المسلمين: ونحنُ نعيشُ بعد أيّامٍ قلائلٍ أجواءَ الدُّخولِ المدرسيّ، وعودة أبنائنا وبناتنا إلى ميادين العلم وساحات المعرفة، إلى مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، حَريٌّ بأن نقفَ وقفةً صادقةً مَع هذه المُناسبة، لنُذكِّرَ مِن خِلالِهَا كُلَّ وَلِيّ وكُلَّ طالبٍ وكُلّ طالبة، بأنَّ هذه المدارس التي سيقصدونها هي محاضنُ عِلْمٍ ومعاهِدُ تربيَةٍ، لا أماكِنَ تعارُفٍ ومعارضَ أزياءٍ وفضاءاتِ تسلية.

لأنّ ما نراهُ كلَّ عامٍ من مظاهر ينبغي أن تنزّه عنها المدارس.. يجعلُ مِن هذه الوقفة أمرا أكثر من ضروري. ما يرتديه أبناؤنا من سراويل مُمزَّقَه، وما ترتديه بناتُنا من ملابس ضيّقة، وما نراهُ مِنَ الحِلَاقَاتِ الغريبة عن ديننا ومُجتمعنا، وما نسمعه من ألفاظ تخرج من أفواه كثير من طلبتنا، وما نُعانِيهِ مِن خُضُوعٍ فِي القَوْلِ يحترِفُهُ كثيرٌ مِن الطّالبات، وما نشاهده في طرقات المدارس من مظاهر التّحرّش وأذى المُعاكسات، كلّ ذلك يُوجب علينا النّصح والتّوجيه والأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر.

فإنّ النّاصح لأهله والصّادق مع ربّه ونفسه.. لا يرضى أن يرى في أخيه المسلم ما يُشينُه أو يضُرُّه. لا يرضى لطالبة أن تُعَاكَسَ في الطّريق، ولا يرضى لطالب أو طالبة أن يلبسا ما لا يليق.

ألا فلتسمعوا -أيّها الناس- لحديث نبيّنا -عليه الصّلاة والسّلام- وهو يحذّرنا فيقول: "إنّ النّاس إذا رأوا المنكر فلم يغيّروه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه" [أحمد وأبو داود وابن ماجة]، وفي صحيح البخاري -رحمه الله- قيل: يا رسول الله!، أنهلك وفينا الصّالحون؟، قال: "نعم، إذا كثر الخبث". نتساءلُ اليومَ عَن سبَبِ الغلاءِ في كلّ شيء، ولا يخطرُ ببالِ أحدٍ أبدا أنَّهُ عقابٌ الله وكثرةُ الخَـبَث!.

ألا فاعلموا -عباد الله- أنَّ المسؤوليّة هي مسؤوليّة الجميع، أئمةً وأولياءَ ومُعلّمينَ ومُربّينَ وإدارِيّين، وإنَّ نبينا -صلّى الله عليه وسلّم- حذَّرَ كلَّ واحِدٍ مِنَّا فقال: "ما من راع يسترعيه الله رعيّة يموتُ يوم يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّتِه إلَّا حرّم الله عليه الجنَّة"، فمن مِنَّا يُحِبُّ أن يُحرّم الجنَّةَ على نفسِهِ بسبَبِ رضاهُ بِهَكَذا وَاقِعٍ وسُكُوتِهِ عَن هكذا مظاهر؟!.

ألا فاعلموا -معاشر الآباء- أنّ مفتاح التّغيير بيدكم أنتم قبل أيّ أحد، والمسؤوليّة مسؤوليَتكم أنتم قبل أيَ أحد، فتلك التي خرجت مُتزيّنةً من بيتها للمدرسة، خاضعة في قولها، لم تنزل من كوكب آخر، فأبوها أو أمّها أو أخوها لا شكّ أنّهم على علم بما تلبس وما تفعل، بل إنّ أحد أوليائها هو الذى اشترى لها تلك الثّياب للأسف. وذلك الشاب الذي خرج من بيته بتلك الحِلاقَة، وتلك الثّياب الغير لائقة، في هيئة مُنكرةٍ تدعو للفِتنَة، وصورةٍ مُستَهجَنَةٍ تدعو للرّذيلة، أما علم وليه بأمره وما نظر في حاله؟!، لماذا ينسى -بل يتناسى- هذا الولي أنّه هو المسؤول عنهم يوم القيامة أمام الله -جل وعلا-؟!، أليسَ كلّنا يحفظ ذلك الحديث الذي يتكرّر كثيرا كلّ جمعة: "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته، والرّجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيّته".

ألا فاحذروا ـمعاشر الأولياء- من إهمال تربية الأبناء، وإيّاكم والمبالغة في مسايرتهم والدّفاع عنهم حتى في خطئهم، فإنّ ذلك من الغشّ لهم. وإنّ مسؤوليتكم اليوم قد غدَتْ أكبر وأشقَّ؛ وذلك لأنّنا في زمنٍ وسائل الفساد فيه قد كَثُرتْ وقَوِيتْ، ووسائل الإصلاح فيه قد قلَّتْ وضَعُفَتْ، في زمن انتشرت فيه الفِتن والمغريات، وكَثُرت الذئاب البشرية من العابثين بالأعراض والهاتكين للحُرمات؛ حتّى أصبحنا نسمع بأمور يشيب لها الرأس ويفزع لها القلب وتدمع لها العين، لذلك كلّه أصبحتْ مسؤوليّتكم اليوم أعظمَ.

فاتّقوا الله في هذه الرّعية التي استرعاكم الله إيَّاها من بنين وبنات، فإنّهم ضِعَافٌ أغرار. وتذكروا قول نبيّكم -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ الله تعالى سائل كلّ راعٍ عمّا استرعاه، أحفظ أم ضيّع، حتّى يٍسأل الرّجل عن أهل بيته".

أقول ما سمعتم..

               **༺༻**

الحمد لله..

عباد الله: إنّ من المصائب أن ترى وليًّا يُدافع عن انحراف ابنه ويُخاصِمُ المُربّين لأجل ذلك، فكم مِن بِنتٍ نُصِحَت في شأن تبرّجها فجاء الوليّ مُخاصِمًا مُعلّمها، وكم من ابن نُصِحَ بشأن حلاقته أو هندامه فانزعج الوليّ لذلك ولم يفرح له، وتلك والله طامّةٌ كُبرى وجريمةٌ عُظمى، أنجرّ عنها من المفاسد على الأبناء مالا يعلمُهُ إلَّا الله، فأصبَحَ المُربّي يخشى النُّصحَ تجَنّبًا لهكذا مشاكل واتّقاءً لهكذا صدامات.

معاشر الأساتذة والمُربّين: رغم كلّ تلكم العراقيل.. إيّاكم أن تتخلّوا عن واجبكم في النّصح والتّوجيه وإن لحقكم في سبيل ذلك الأذى والتّوبيخ، احتسبوه لله، فإنّ ما عند الله خيرٌ وأبقى، فأنتُم الأمَلُ بعدَ اللهِ في صلاح هذا الجيل إن أنتُم صدقتُم وأخلصتُم. لقد بوَّأكُمُ الله ثغـرا عظيما فسُدّوهُ ولا تُضيّعُـوه.

((كونوا ربّانيّين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون))، فإنّكم تتبوَّؤُونَ مَنصِبًا مِن مَناصِبِ النّبيّ ﷺ، ألا وهُـو مَنصِبُ التّربية والتّعليم، فكونوا صادقين مع ربّكم ومع أنفسكم، واعتبروا هؤلاء الطَّلبة أبناءً لكُم وبناتٍ لكم، وأخلصوا لهم النصيحة ما استطعتم، وكونوا أنتم قُدْوَتَهُم فيما تأمُرون وفيما تنصَحون، فإنّه إن طابق نُصحُنا عملُنا اقتنع به طلَّابنا واتّبعُـونا، وإذا كان العكس.. فإنَّ طلَّابنا سيشعرون بعدم إيماننا بما نقول، وبعدم جدّيّة أقوالنا، فنسيئ إليهم من حيث لا ندري، ونعلّمهم الرّياء والنّفاق دون أن نشعُـر.

واعلموا أنّ التّلميذ يتأثّر بأخلاق الأستاذ ومعاملاته، بل حتَّى بحُسنِ هِندامِهِ وهيْئَتِه، فالتّلميذ غالبا توّاقٌ للتّشبّهِ بأستاذِهِ وتقليدِهِ، يتأثَّرُ بسلُوكِهِ كما يتأثَّرُ بكلامه، ويميّز بين الصّادق في النّصح له وبين من يغشّه. فالمسؤولية المُلقاةُ على عاتقكم ليست هيّنة.

ورحم الله أمّ الإمام مالك -رحمه الله ورضي عنه-، حين جاءت بولدها وهو طفلٌ صغير إلى إمام التّابعين ربيعة الرأي، ثمّ قالت لابنها: "خُذ من أدبه قبل علمه".

ألا فلنتق الله -عباد الله-، ولنتعاون جميعا على البرّ والتّقوى، ولنأخذ بأيدي بعضنا إلى ما يحبّ ربّنا ويرضى، فإنّ في ذلك سلامتنا ونجاتنا من المصائب والفتن، ولنحذر أن نكون ممن قال الله في حقّهم: ((كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)).

هذا وصلّوا وسلّموا -عباد الله- على خير خلق الله...

ـــــــــــــــ

كتبه: عبد المالك محضي

: مسجد الشيخ العدواني بالزڨم، الوادي، الجزائر

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى لمحة معرفة، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...