خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان خطبة 28 رمضان - خطبة وداع شهر رمضان ومسك الختام لحسنان رمضان 1443
خطبة الجمعة مكتوبة بعنوان وداع رمضان المبارك
خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان
خطبة عن شهر رمضان مكتوبة
خطبة عن رمضان شهر عبادة وعمل
خطب رمضانية مؤثرة
خطبة قصيرة عن قدوم شهر رمضان
خطبة رائعة عن رمضان
خطب رمضان مكتوبة ملتقى الخطباء
الإجابة هي كالتالي خطبة الجمعة القادمة مكتوبة بعنوان
وداع شهر رمضان
الحمد لله ربِّ العالمين، اللهم لك الحمد ولك الشكر على أن وفقتنا للصيام وللقيام، ونسألك سبحانك أن تحسن أيامنا وتختمها بخير على الدوام يا ربَّ العالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ينقل المؤمنين من طاعة إلى طاعة، ومن قربة إلى قربة. نوَّع لهم العبادات ليجزل لهم الحسنات والمثوبات والمكافآت
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد ورسوله، وصفيُّه من خلقه وخليله، فتح الله لنا به أبواب الطاعات، ونوَّع الله عزَّ وجل به لنا أنواع القربات، وجعله صلى الله عليه وسلم مفتاح الجنات، فلا يدخل أحد الجنة قبل حضرته، ولا يؤذن لأحد بالشفاعة إلا بإذن من سعادته، ولا يهنأ إنسان بالنجاة من النيران إلا إذا شفع فيه الحبيب العدنان.
صلوات الله وسلامه عليه في الأولين، وصلوات الله وسلامه عليه في الآخرين، وصلوات الله وسلامه عليه في الدنيا ويوم الدين.
(أما بعد)..
فيا أيها الأخوة المؤمنون:
ونحن في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وقد صحبناه كل هذه الأيام، ماذا وجدنا في صحبته؟
لم نجد إلاَّ كلَّ خير وبرّ. نجد أنفسنا وقد أقبلت على الطاعات بعد طول جفاء، وأجسامنا وقد صحَّت من الأمراض والأسقام باتباع تعاليم الإسلام وأحكام الصيام،
ونجد الجوارح وقد بعدت فيه عن الآثام، ونجد الوقت كله فيه في طاعة الملك العلام عزَّ وجل.
فإذا نام العبد في رمضان فنومه عبادة، وإذا سكت فيه فسكوتك تسبيح،
وإذا دعوت فيه فدعاؤك مستجاب،
وإذا عملت فيه عملاً من أعمال البر والخير فعملك مضاعف الأجر والثواب،
وإذا وفدت فيه على أهلك وأنفقت عليهم من الخيرات وأنواع المأكولات والمشروبات، فإن المال الذي تنفقه عليهم له من الأجر كأجر المال الذي ينفق في سبيل الله عزَّ وجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{نفقة الصائم على أهله كالنفقة في سبيل الله عزَّ وجل الدرهم بمائة ألف درهم}[رواه ابن سعد وذكره في الفتح الكبير عن حمزة.]
وورد أَنَّ عُمَرَ رضى الله عنه قَالَ:
{إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَالنَّفَقَةُ فِيهِ عَلَيْكَ وَعَلى مَنْ تَعُولُ كَالنَّفَقَةِ في سَبِيل اللَّهِ تَعَالى، يَعْنِي الدرْهَمَ بِسَبْعِمَائَةٍ}[عن ثور بن يزيد سليم الرازي في عَوَالِيه]
عباد الله جماعة المؤمنين:
إن الإنسان منا لو صاحب رجلاً ولو في مدة سفر، ووجد منه حلاوة العشرة، وطيب الصحبة، وخيرة الرفقة، يحزن على فراقه، بل ربما يبكي على فصاله، لأنه وجد شخصاً عزيزاً اجتمعت فيه خصال الخير، وجرى له على يديه منه أبواب البر، فيحزن عليه لأن الزمان لا يجود بالخيرين إلا بالقليل وأقل من القليل.
فما بالكم وهذا الذي صحبناه شهراً كاملاً لم نجد منه إلا الخير، ولم نرَ منه إلا البرّ. جمعنا حتى على موائد الطعام بعد تفرقة، فبعد أن كان هذا يأكل في الصباح وآخر في المساء وواحد في الظهيرة، جمع الجميع بل جمع جميع المسلمين شرقاً وغرباً، وجعلهم جميعاً يمتنعون عن الطعام في وقت واحد، ويأكلون جميعاً في وقت واحد، إطاعة للواحد عزَّ وجل، وكأنه يقول لهم
كما جمعتكم على الطعام، فاجتمعوا على طاعة الملك العلام.
كما جمعتكم على مائدة الخير والبركات، فاجمعوا أنفسكم على مأدبة الله في أرضه وهي كلام الله، وتنزيل الله، وكتاب الله عزَّ وجل.
بدَّل النوايا، فجعل الإنسان منا يخرج الأضغان والأحقاد والأحساد من قلبه، ويملأ فؤاده ولبَّه بالحبِّ لجميع المسلمين، والرغبة الأكيدة في سعادة جميع المؤمنين، يريد أن يصنع الخير، ويريد أن يعمل المعروف، ويريد أن يقوم بالبرِّ لأنه في شهر البرِّ، والبرُّ ثوابه الجنة.
زهَّد النفوس في المعاصي، وأمسك منها بالنواصي، وجعلها لا تتحرك إلا في طاعة رب العالمين وأرحم الراحمين عزَّ وجل، حتى لو أرادت النفس أن تخرج عن سجيتها وفطرتها، وتتجاوز حدودها في التعامل مع الآخرين، بأن تصل إلى درجة الإيذاء، أو السبِّ أو الشتم أو اللعن، يسرع بتذكيرها بقول نبيِّها صلى الله عليه وسلم :
{إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ}[رواه بن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه]
فتح شهية المؤمنين على البرِّ والخير الذي كانوا عنه معرضين، فتجد الإنسان في غير رمضان لا يحن لسماع كتاب الله، ولا يفكر في المداومة على تلاوته، بل ويعلق المصحف في بيته أو في سيارته، أو في محلة عمله للزينة والبركة فقط ويهجر تلاوته، مع أن الرسول أخبرنا فيما أنزل عليه الله أن هذا القرآن يشكو الهاجرين له يوم لقاء الله:
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" (30-الفرقان).
فإذا جاء شهركم الكريم انشرحت الصدور لتلاوة هذه السطور، المكتوبة بأحرف النور، لتنال في النهاية مغفرة الغفور عزَّ وجل، وتبدلت النفوس، بدلاً من أن تحن إلى الغيِّ والقبيح، تجدها ترغب في فعل كل شيء جميل ومليح، فتريد أن تصل أرحامها، وأن تخرج زكاة مالها وزرعها، وأن تبرَّ فقراءها، وأن تحسن إلى جيرانها، وأن تراقب ربَّها في كل أمر صغير أو كبير، جليل أو حقير.
وكل هذا ببركة شهركم هذا الكريم، فما أعظمه من شهر، وما أحسنه من صاحب، يبكي لفراقه المؤمنون، ويحزن لانصرامه الموحدون، ويحن إليه المحسنون، ويتمنى الموقنون أن يكون في العام كله كما قال سيد الأولين والآخرين:
{لَوْ يَعْلَمُ العِبَادُ مَا فِي رَمضانَ لتمنَّتْ أُمَّتِي أَنْ تَكونَ السَّنَةُ كُلُّها رمضانَ}[رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي من طريقه عن أبي مسعود الغفاري]
ثم هذا الصاحب - الذي لا نستطيع أن نعدَّ فضائله، ولا أن نحصي مزاياه - لا يتركنا يوم لقاء الله. فإذا جاء الموقف الأليم، وخرجنا من القبور إلى ساحة النشور، وجدناه في انتظارنا، يضع المسك على أفواهنا، فنمشي في أرض القيامة وقد علت رؤوسنا، وفاحت رائحة المسك من أفواهنا، حتى تعُم أهل الموقف جميعاً فيتساءلون، يتساءل الملائكة الكروبيون ويتساءل النبيون والمرسلون: ما هذه الرائحة العطرة؟ فيقول الله: هذه رائحة أفواه عبادي الصائمين لشهر رمضان، من أمة حبيبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
فإذا صرنا إلى أرض الموقف وأخذنا فيه مواقعنا، والموقف يطول ويطول
"فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " (4-المعارج).
يوم واحد ولكن طوله قدر خمسين ألف سنة مما نعد، وفي هذا اليوم لا توجد بحار ولا أنهار، ولا تنزل السماء أمطار، لأن السماء قد كورت، وذهب الليل والنهار، ولا يوجد نور لأن الشمس انمحقت، والقمر قد استدار، وألقيا بهما في النار!!
يبحث الإنسان عن شربة واحدة فلا يجدها! ويبحث عن مكان يأوي إليه من حرِّ اليوم وحرارته فلا يجده، لا أشجار ولا أسقف ولا منازل، بل الساحة واسعة، أرضها من فضة، وسماءها صحو مكشوفة وليس فيها ظل، إلا مكان واحد ظليل، هو ظل عرش الرحمن عزَّ وجل.
تابع قراءة الخطبة كاملة في الأسفل