شرح أدوات الاستفهام الواردة في السؤال الفلسفي، بمنهجية تحليل سؤال فلسفي
أهم أدوات الاستفهام في الفلسفة تعريف أداة الاستفهام فلسفيا
شرح أدوات الاستفهام التي تطرح في السؤال الفلسفي، وفق منهجية تحليل سؤال فلسفي بكالوريا جميع الشعب
مرحباً بكم زوارنا الكرام في موقعنا لمحة معرفة يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم..شرح أدوات الاستفهام الواردة في السؤال الفلسفي، بمنهجية تحليل سؤال فلسفي
الإجابة الصحيحة هي
أدوات الاستفهام الواردة في السؤال الفلسفي، بمنهجية تحليل سؤال فلسفي
تعريف أداة الاستفهام "هل":
ترد أداة الاستفهام "هل" في معظم الامتحانات الوطنية، وهي أداة استفهامية يراد منها طلب التصديق، وذلك من خلال الإجابة بنعم أو لا، مما يجعلنا أمام جوابين أو أطروحتين مختلفتين، مع إمكانية وجود أطروحة ثالثة توفق بينهما أو تتجاوزهما.
وهكذا سيكون علينا أن نحلل، في موضوعنا الإنشائي، مفاهيم السؤال ومكوناته الأساسية، وذلك من خلال الحفر في دلالات المفاهيم وتحديد العلاقات الموجودة بينها، مما من شأنه أن يجعلنا نقف عند رهاناته ومقاصده. وهذا التحليل هو الذي سيقودنا مباشرة إلى استخلاص الأطروحة الأولى الممكنة للجواب عنه، وبعد ذلك سيكون علينا أن نناقشها بتقديم أطروحة ثانية مختلفة أو متعارضة معها. لكن ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن التوصل إلى الأطروحة الأولى لا يكون إلا بممارسة أفعال التحليل المنصبة على السؤال، كما أن الانتقال إلى تقديم أطروحة ثانية مغايرة لا يمكنه أن يكون إلا من خلال تحليل آخر لعناصر السؤال، بحيث نقوم بتحليل مغاير أو مضاد يرصد جوانب مختلفة أو يكشف عن آفاق أخرى، من شأنها أن تجعلنا نسائل الأطروحة الأولى ونتجاوزها إلى تقديم أطروحة أخرى ثانية، يسمح بها التحليل الذي يقوم به التلميذ لمفاهيم السؤال وموجهاته الأساسية.
وقد يسمح تحليل ثالث، لنفس تلك العناصر، بأن يجعلنا نتوصل إلى أطروحة ثالثة تتجاوز الأطروحتين السابقتين أو توفق بينها. وهكذا دواليك؛ مما يعني أن تعدد طرق التحليل ورصدها لجوانب مختلف في المكونات الأساسية للمفاهيم، كتحديد دلالاتها أو الكشف عما تستدعيه من معاني مختلفة أو ما تستبعده من دلالات مغايرة أو متناقضة أو مختلفة، هو ما يجعلنا نستكشف مختلف الأطروحات الممكنة للإجابة عن السؤال. وهذا ما يجعلنا نؤكد على أن عملية التحليل المتعلقة بمكونات السؤال، لا تنفصل عن عملية "المناقشة"؛ بحيث أننا نجد أنفسنا نزاوج أثناء الكتابة الإنشائية المتعلقة بالسؤال بين أفعال التحليل وأفعال المناقشة، أي أننا نحلل السؤال ثم نتوصل إلى أطروحة أولى تجيب عنه، ثم نعود ونقوم بتحليل "مضاد" أو مغاير فيؤدي بنا إلى أطروحة ثانية، ثم نحلل من جديد فنصل إلى تحديد أطروحة ثالثة متجاوزة للأطروحتين السابقتين. وهذا ما يعني أنه لا توجد في السؤال الإشكالي المفتوح، كما هو الشأن في النص والقولة، لحظتين "منفصلتين" إحداهما نخصصها للتحليل والأخرى للمناقشة، بل إننا ندمج بين فعلي التحليل والمناقشة، ونجعل أولهما يفضي إلى الثانية.
وما نقصده بفعل "المناقشة" هنا، هو تلك اللحظة التي نأتي فيها بأطروحة أو أكثر نناقش بها الأطروحة الأولى، والتي توصلنا إليها من خلال تحليل السؤال. ولهذا فنحن نسعى إلى التأكيد؛ على أنه مثلما أننا كشفنا عن الأطروحة الأولى عن طريق تحليل عناصر السؤال، فإن استدعاء أطروحة ثانية أو ثالثة لمناقشتها لا يكون بدون الرجوع إلى عناصر السؤال ومكوناته وتحليلها من جديد. وهذا ما يعني أن التحليل والمناقشة هما فعلان عقليان متداخلان في الموضوع الإنشائي المتعلق بصيغة السؤال؛ إذ أن تحليل مكونات السؤال هو الذي يفضي بنا إلى مناقشة الأطروحة الأولى التي استخرجناها كجواب عنه، وذلك عن طريق مقارعتها بأطروحات أخرى مغايرة لها.
ومن هنا، يجد التلميذ نفسه مضطرا إلى القيام دوما بإعادة تحليل عناصر السؤال، من أجل الكشف عن جوانب وأبعاد ورهانات أخرى متضمنة فيه، وهذا النوع من التحليل الذي يتخذ أشكالا متنوعة هو الذي من شأنه أن يمنح للإنشاء الفلسفي طابعه التفكيري والتوليدي الذي يجب أن يتميز به، كما من شأنه أن يجعله يتخذ طابعا عقليا وحجاجيا مترابطا ومتماسكا. وبدون المزاوجة بين التحليل والمناقشة، فإن التلميذ سينزلق ولا شك إلى منطق الاستظهار ومراكمة المواقف الفلسفية الموجودة في الملخص، دون أن يبرهن على امتلاكه لقدرات الحفر في المفاهيم والوقوف عند المسلمات والرهانات الكامنة في السؤال، والتي لا تكون إلا بواسطة فعل التحليل الذي يمثل شرطا ضروريا وأساسيا لجودة الإنشاء الفلسفي.
تعريف أداة الاستفهام "بأي معنى":
أما أداة الاستفهام "بأي معنى"، فيراد منها طلب التفسير والتوضيح والتصور، بحيث نكون مطالبين بتوضيح أو تفسير أطروحة ما متضمنة في السؤال. وكمثال على ذلك:
- بأي معنى يلغي القانون القوة ويستدعيها في الآن ذاته؟ (الامتحان الوطني للدورة الاستدراكية 2012، مسلك الآداب)
فنحن نجد هنا أن السؤال يطالبنا بأن نبين "كيف" أن القانون الذي جاءت به الدولة يلغي العنف غير المشروع الذي كان سائدا قبلها، ولكن الدولة مع ذلك تضطر إلى استخدام عنف يمكن القول عنه أنه عنف قانوني ومشروع. وهكذا سيكون علينا أثناء العرض أن نشرح ونوضح الأطروحة المتضمنة في السؤال، وهذا الشرح لا يكون ممكنا بطبيعة الحال إلا من خلال تحليل العناصر المكونة لهاته الأطروحة، وهي المفاهيم والكلمات والأفعال والروابط الموجودة في السؤال. ومن هنا فالتحليل هو الذي سيمكننا من تبيان أبعاد الأطروحة والكشف عن الحجج المفترضة للدفاع عنها، وتوضيح أسسها ومسلماتها ورهاناتها. غير أننا مع ذلك سنكون مضطرين إلى القيام "بتحليل مضاد" لعناصر السؤال، من شأنه أن يؤدي بنا إلى مناقشة هاته الأطروحة المتضمنة فيه، وذلك من خلال التوصل إلى أطروحة أخرى مختلفة عنها أو متعارضة معها.
وهكذا قد نحلل السؤال أعلاه، فنكشف عن أطروحة تقول بأن قانون الدولة يزيل العنف غير المشروع ويعوضه بعنف قانوني ومشروع، ثم نحلله من جديد فنكشف عن أطروحة أخرى تقول بأن قوانين الدولة لا تزيل العنف غير المشروع بشكل نهائي، إذ يظل موجودا بالرغم من وجود هذه القوانين، كما أنه قد توجد دولة طاغية ومستبدة يكون عنفها غير مشروع، مادام صادرا عن قوانين هي بدورها غير مشروعة. ومن هنا فتحليل مكونات السؤال والحفر من جديد في مفاهيمه، وتقليبها على كافة أوجهها المحتملة، من شأنه أن يجعلنا نكشف عن تصورات وأفكار وأطروحات أخرى، من شأنها أن تسمح لنا بمناقشة الأطروحة الأولى المتضمنة فيه. وهذا يعني أنه لا وجود في السؤال الإشكالي المفتوح لمناقشة بدون تحليل، كما لا يمكن أبدا الفصل بينهما بشكل قاطع ونهائي.
تعريف أداة الاستفهام "لم":
وإذا تأملنا الآن في أداة استفهام أخرى هي "لم"، فإننا نجدها تطالبنا بالبحث عن العلل والأسباب المتعلقة بالأطروحة المتضمنة في السؤال. ولننطلق من المثالين التاليين:
- لم الدولة؟ (الامتحان الوطني للدورة العادية 2012، الشعب العلمية)
- لم الاعتراض على الرأي باسم الحقيقة؟ (الامتحان الوطني للدورة العادية 2013، مسلك العلوم الإنسانية)،
فنحن نجد أن السؤال الأول يتضمن أطروحة ترى أن الدولة لها وجود واقعي، وتطالبنا أداة استفهامه "لم" بذكر الأسباب والمبررات التي تجعل وجود الدولة وجودا ضروريا، كما قد تطالبنا بالبحث في الغايات التي قد جاءت الدولة من أجل تحقيقها، ذلك أن البحث في المبررات والعلل قد يتعلق بمبررات وعلل موجودة في الماضي والحاضر، كالفوضى والصراع والظلم الذي ساد حياة الناس قبل ظهور الدولة، أو قد يتعلق بمبررات وعلل ترتبط بالمستقبل، كإنشاء الدولة من أجل تحقيق الأمن والسلم وضمان تمتع الناس بحقوقهم المشروعة، وهذه هي ما يسمى بالعلل الغائية.
أما في ما يخص السؤال الثاني، فإننا نجده يتضمن أيضا أطروحة مفادها أنه يتم الاعتراض على الرأي ورفضه من منطلق أنه غير حقيقي أو لا يؤدي إلى الحقيقة، وهو يريد منا أن نقدم المبررات والأسباب التي تجعل البعض يعترض على الرأي ويعتبر أنه لا يمثل الحقيقة، أو يعتبره عائقا أمام الوصول إليها.
وفي جميع الأحوال سيكون على التلميذ أن يحلل السؤال أولا، وذلك من أجل الكشف عن مختلف الأسباب والعلل والمبررات التي تدعم الأطروحة المتضمنة فيه، ثم عليه ثانيا أن يناقش تلك المبررات ويبين مدى وجاهتها وصلاحيتها، بأن يكشف عن ثغرات وجوانب ضعف موجودة فيها.
وهكذا يمكنه مثلا أن يبين، من خلال مناقشته للأطروحة الكامنة في السؤال الأول، أن الدولة غير ضرورية ويمكن تعويضها بأنظمة اجتماعية من نوع آخر كما يذهب إلى ذلك أنصار النزعة الفوضوية، أو يبين أن للدولة غاية في ذاتها وليست مجرد وسيلة كما يذهب إلى ذلك هيجل، أو يبين مع الماركسية أن الدولة تحيد عن الغايات التي جاءت من أجلها، وأنها تتحول إلى جهاز للهيمنة وخدمة مصالح طبقة معينة.
وفي ما يخص السؤال الثاني، يمكن للتلميذ أن يناقش الأطروحة التي تعترض على الرأي باسم الحقيقة، بأطروحة معارضة لها ترى أن الرأي قد يكون حقيقيا أو قد يلعب دورا كبيرا في الوصول إلى الحقيقة، أو يبين أن هذه الأخيرة نفسها قد يعتريها الخطأ أو قد تكون مجرد رأي، إلى آخر ذلك من الانتقادات التي قد توجه إلى الأطروحة الضمنية الموجودة في هذا النوع من السؤال الإشكالي المفتوح الذي يبتدئ بأداة استفهام "لم" أو ما يشبهها مثل "لماذا".
وعلى العموم، يتبين لنا أن تحليل مكونات السؤال هو الذي جعلنا أولا نبحث عن الأسباب والمبررات التي يمكن أن تستند إليها الأطروحة المفترضة في السؤال، وهذا التحليل نفسه هو الذي أدى بنا ثانيا إلى مناقشة مبررات تلك الأطروحة، ونقد ما قد يترتب عنها من نتائج سلبية. وهذا يعني أن المناقشة في هذا النوع من السؤال تكون متساوقة مع التحليل ومترابطة معه، بحيث يتعذر أن نخصص لكل واحد منهما لحظة خاصة به، بل إننا نزاوج في العرض بين تحليل عناصر السؤال ومناقشة ما ننتهي إليه من نتائج، ثم القيام بتحليل من نوع مغاير من شأنه أن يجعلنا نصل إلى نتائج أخرى مختلفة عن الأولى.
فمكونات السؤال تحتمل إذن عدة قراءات أو تأويلات ممكنة، من شأن التحليل أن يفضي بنا إلى واحد منها في البداية، ثم عن طريق هذا التحليل نفسه نقدم تأويلا ثانيا يوصلنا إلى أطروحة مغايرة أو معارضة للأطروحة الأولى، مع إمكانية أن يكشف لنا تحليل آخر عن أطروحة ثالثة أو أكثر.
تعريف أداة الاستفهام "من أين":
يمكن أن نقدم مثالين واردين في امتحانين وطنيين سابقين عن هذه الأداة الاستفهامية:
- من أين يستمد الشخص قيمته؟ (الدورة الاستدراكية للشعب العلمية سنة 2012)
- من أين يستمد الواجب إلزاميته؟ (الدورة الاستدراكية لمسلك العلوم الإنسانية سنة 2013)
واضح أن السؤال المتعلق بهذه الأداة الاستفهامية "من أين" لا يتضمن أية أطروحة، بل إنه يتساءل عن الأسس والمصادر التي تنبع منها قيمة الشخص، أو تنبع منها إلزامية الواجب. وهكذا يكون على التلميذ أن يحلل مفاهيم السؤال؛ فيحفر في دلالاتها المختلفة، ويتمكن انطلاقا من ذلك أن يحدد مختلف المصادر التي يمكن أن يستمد منها الشخص قيمته في السؤال الأول، ويحدد مختلف المصادر التي تمنح للواجب طابع الإلزام والإكراه في السؤال الثاني.
ويمكن للتلميذ هنا أن يستخدم تصميما تراتبيا أو تدرجيا؛ بحيث يحلل السؤال ويكشف عن مصدر ما من مصادر قيمة الشخص، كأن يكون هذا المصدر هو المظهر الجسدي مثلا، ثم يعمل على نقده بالانتقال إلى مصدر آخر هو المكانة الاجتماعية مثلا، ثم ينتقده لكي يبين عن طريق التحليل أن ما يحدد قيمة الشخص هو العقل الأخلاقي كما يرى كانط، كما يمكنه أن ينتقل إلى موقف آخر مغاير مثل ذلك الذي يتبناه طوم ريغان، والذي يرى أن ما يحدد قيمة الشخص هو خاصية "استشعار الحياة" التي تعتبر أكثر كونية من الخاصية الأخلاقية التي اعتمدها كانط.
وهكذا يتطلب هذا النوع من السؤال معالجة ندمج فيها بين التحليل والمناقشة، وذلك وفق منطق تراتبي وتدرجي، فنحلل مفاهيم السؤال لكي نصل إلى أطروحة ما ترى أن مصدر قيمة الشخص أو مصدر إلزامية الواجب يوجد في هذا الأساس أو ذاك، ثم نحلل من جديد وننتقد هذا المصدر الأول لكي نحدد مصدرا آخرا محتملا، ثم نعترض عليه عن طريق التحليل لكي نصل إلى تحديد مصدر أو أساس آخر. ويمكننا أن نفاضل بين تلك المصادر أو نرتبها عن طريق الاعتماد على حجج أو مبررات معينة. ونحن سنعتمد في ذلك على أمثلة مستمدة من الواقع، مع توظيف مواقف فلسفية تتبنى هذا المصدر أو ذاك من المصادر التي تستمد منها قيمة الشخص أو الطابع الإلزامي للواجب.
ومن هنا يتبين أنه لا يوجد أيضا انفصال بين التحليل والمناقشة في هذا النوع من السؤال الذي يبدأ بأداة استفهام "من أين"؛ إذ لا توجد لحظة نقوم فيها بتحليل السؤال وننتهي، لكي تبدأ لحظة أخرى نناقش فيها ما قمنا بتحليله، بل إننا نحلل ونصل إلى فكرة أو أطروحة، ثم نحلل من جديد ونصل إلى فكرة ثانية منتقدة للأولى ومتجاوزة لها، ثم نحلل فنصل إلى فكرة ثالثة أو رابعة أو أكثر. وهو ما يعني أننا طيلة لحظة العرض، في السؤال الإشكالي المفتوح، نزاوج بين التحليل والمناقشة، ونجعل ما نعمل على تحليله يؤدي بنا إلى الكشف عن فكرة أو أطروحة مختلفة نناقش بها الفكرة أو الأطروحة السابقة.
وهذا ما يثبت بالملموس أنه يوجد بين تحليل عناصر السؤال ومناقشة نتائج التحليل اتصال وترابط لا يمكن نقضه، وذلك في مختلف أنواع الأسئلة الإشكالية المفتوحة التي تبتدئ بأدوات الاستفهام التي أوردناها سابقا. ونحن نزعم أن الأمر ينطبق حتى على أسئلة أخرى قد تبتدئ بأدوات استفهام أخرى مثل "ما" أو "من" أو "أي".