شرح قصيدة البردة للشاعر كعب بن زهير بانت سعاد
قصيدة البردة لكعب بن زهير وتعد من أشهر القصائد في مدح الرسول وسميت بالبردة لأنه أعطى بردته لـ كعب . يفتتح كعب القصيدة بالمقدمة الطللية "بانت سعاد اليوم" متبعا عادة العرب آنذاك إذ كانوا يقدمون قصائدهم بذكر المحبوب.
نص القصيدة كاملة
بانت سعاد
(كعب بن زهير)
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَ النُّصْحَ مَقْبولُ
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
أرْجو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها وما إِخالُ لَدَيْنا مِنْكِ تَنْويلُ
أمْسَتْ سُعادُ بِأرْضٍ لايُبَلِّغُها إلاَّ العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسِيلُ
ولَنْ يُبَلِّغَها إلاّغُذافِرَةٌ لها عَلَى الأيْنِ إرْقالٌ وتَبْغيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ إذا تَوَقَّدَتِ الحَزَّازُ والمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْم مُقَيَّدُها في خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ
غَلْباءُ وَجْناءُ عَلْكوم مُذَكَّرْةٌ في دَفْها سَعَةٌ قُدَّامَها مِيلُ
وجِلْدُها مِنْ أُطومٍ لا يُؤَيِّسُهُ طَلْحٌ بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ
حَرْفٌ أخوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شْمِليلُ
يَمْشي القُرادُ عَليْها ثُمَّ يُزْلِقُهُ مِنْها لِبانٌ وأقْرابٌ زَهالِيلُ
عَيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ مِرْفَقُها عَنْ بَناتِ الزُّورِ مَفْتولُ
كأنَّما فاتَ عَيْنَيْهاومَذْبَحَها مِنْ خَطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ
تَمُرُّ مِثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ في غارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأحاليلُ
قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِها عَتَقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
تُخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ ذَوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحْليلُ
سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنْعيلُ
كأنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها إذا عَرِقَتْ وقد تَلَفَّعَ بالكورِ العَساقيلُ
يَوْماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً كأنَّ ضاحِيَهُ بالشَّمْسِ مَمْلولُ
وقالَ لِلْقوْمِ حادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا
شَدَّ النَّهارِ ذِراعا عَيْطَلٍ نَصِفٍ قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
نَوَّاحَةٌ رِخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ
تَفْرِي الُّلبانَ بِكَفَّيْها ومَدْرَعُها مُشَقَّقٌ عَنْ تَراقيها رَعابيلُ
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبا لَكُمُ فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ
مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّضامِزَةً ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ مُطَرَّحَ البَزِ.والدَّرْسانِ مَأْكولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ