هل التكيف يتحقق بالعادة أم بالارادة
مقالة العادة والارادة المرشحة لباك 2024
مرحباً بكم طلاب وطالبات الباك في موقع لمحة معرفة يسعدنا أن نقدم لكم مقالة جدلية حول العادة والإرادة بطريقة جدلية
وهي كالتالي
هل التكيف يتحقق بالعادة أم بالارادة
طرح المشكلة : يمتلك الإنسان العديد من الوظائف الحيوية المهمة التي يستعين بها للتكيف مع العالم الخارجي ومشكلاته ومواجهة الأخطار والعوائق التي تعترضه في حياته اليومية الطبيعية
والاجتماعية، كما يمتاز الإنسان عن بقية الكائنات الحية بميزة العقل الذي يضم وظائف ذهنية علياء
أهم هذه الوظائف نذكر العادة التي تعرف بأنها قدرة مكتسبة على أداء عمل
بطريقة آلية مع السرعة والدقة والاقتصاد في المجهود أو هي الاستعداد الدائم للفعل أو الانفعال
الذي يكتسبه الكائن الحي ويجعل صدور الفعل منه أو قبول أثره أهون عليه من ذي قبل، ويعرفها
جميل في كتابه علم النفس بقوله: العادة. استعداد مكتسب دائم، لإنجاز نفس الأفعال،
وتحمل نفس الآثار». واكتساب أي عادة يتطلب وجود ملكة نفسية وذهنية أخرى لدى الإنسان وهي
الإرادة التي تُعرف بأنها القصد إلى الفعل أو الترك مع وعي وإدراك الأسباب الداعية
إليها، كما تعتبر الإرادة من العمليات النفسية التي تهدف إلى حسم الصراع القائم بين الميول، وينطوي
الفعل الإرادي على أحكام تقريرية في الأساس، لكن الفلاسفة وعلماء النفس اختلفوا حول أفضل
وأهم وظيفة حيوية تحقق التكيف والتأقلم مع محيطنا الخارجي الذي نعيش فيه، فالبعض يُعطي
الأولوية للعادة والبعض الآخر يعتبر الإرادة أساس النجاح والتأقلم مع العالم الخارجي. من هنا
يمكننا التساؤل: هل التكيف مع الواقع يتحقق بالأفعال الاعتيادية أم بالأفعال الإرادية؟
**الموقف الأول** يرى بعض الفلاسفة وأهمهم الطبيب البريطاني
هنري مودسلي ومواطنه آلان أن التكيف الأمثل مع الواقع يتم بواسطة العادة، ويتطلب ذلك اكتساب سلوكات تعودية ايجابية، إذ للعادة آثار ونتائج ايجابية فعالة على سلوكنا فهي أداة تكيف وتأقلم ضرورية عند الإنسان وهي قدرة سلوكية لمواجهة المواقف الحياتية بمهارة وسهولة
وقد برروا موقفهم بالحجج التالية: العادة تؤدي إلى التكيف مع مطالب الحياة المادية
والمعنوية ففائدتها عظيمة من حيث قيمتها في تهيئة الشخص لمواجهة مواقف جديدة بالاعتماد على
المهارات والمعلومات المكتسبة، بالتالي اكتساب مهارات ومعلومات جديدة. فقد لوحظ أن تدريب
العامل على إدارة بعض الآلات الخاصة يؤهله للتعلم السريع لإدارة آلات جديدة، فكأنه .
اكتسب مهارة ميكانيكية عامة، بجانب المهارات الميكانيكية الخاصة.
العادة تؤدي إلى الآلية (الأوتوماتيكية) : النتيجة الأولى للعادة هي آلية الفعل، لأن الأفعال الآلية
تمت من تلقاء نفسها تركت عقل المرء حرا طليقا فينتبه لما هو أسمى منها. ففيها يتضاءل شعور المرء
ويقل إحساسه وانتباهه، وتخف أحواله الانفعالية شيئا فشيئا وكلما تمكن المرء من العمل وأتقنه
وأصبح حاذقا فيها، خف انتباهه له وما اعتياد شم رائحة من الروائح أو تحمل درجة معينة من
الحرارة، إلا انقطاع الشعور بالمؤثر، وكذلك اعتياد المشي والكتابة، أو العزف على إحدى الآلات
الموسيقية، أو ركوب الدراجات إن هي إلا صرف للانتباه، والجهد الإرادي عن الحركات الجزئية
التي يتألف منها الفعل الكلي، وعدم الشعور بها. إذ يستقر الفعل في المراكز العصبية السفلى، وتتوقف
المراكز العصبية العليا عن الاشتغال به، فالعادة تؤدي إلى اللاشعور حتى قال بعض العلماء إن العادة تخفف من شدة الحساسية، وتمنع تدخل الشعور في الأعمال الأوتوماتيكية لأن تدخله فيها يعرقلها، ويشوش نظام آليتها
قالعادة تجعلنا نقوم بالأفعال بسهولة ويسر، وتقلل الجهد ومن أمثلة ذلك تعلم منهجية المقالة
الفلسفية ففي البداية يواجه الطالب صعوبات كبيرة ويقع في بعض الأخطاء المنطقية لكن التعود على
الكتابة سيحسن أداء الطالب حيث يقول هنري مودسلي: " لو لم تكن العادة تسهل علينا الأشياء لكان
في قيامنا بارتداء ملابسنا وخلعها يستغرق نهارا كاملا . كما تؤدي العادة إلى توفير الزمن والانتباه
فعندما يتكرر العمل ويصير عادة ينجز في زمن أقل وسرعة أكبر وتقل الأخطاء، ولا يحتاج إلى انتباه
كبير مثال ذلك العزف على آلة الكمان ففي البداية يجد العازف صعوبة كبيرة في التحكم في عصا
العزف وفي الضغط على الأوتار باليد الأخرى لكن مع التعود وتكرار الفعل تكتسب أصابعه مرونة
ورشاقة تسهل العزف لذلك يقول وليم جيمس ( يجب على المرء أن يحيي في نفسه ملكة الجهد،
بالتمرن عليها كل يوم، وأن يتعود التقشف، والبطولة المنظمة، وأن يرغم نفسه كل يوم أو يومين على
القيام بأمور لا يميل إليها بالطبع، فإذا دقت ساعة الشدائد وجد نفسه قادرا على الصبر والمقاومة
تلك هي كفالة الحياة.
إضافة إلى أن العادة تخلصنا من ضغط التركيز، وتجعلنا نحذف من الفعل كثيرا من الحركات الزائدة
وتصحح القديم بما تضمه إليه من الحديث. مثال ذلك: أن الطفل الذي يتعلم الكتابة تصدر عنه في البداية حركات لا علاقة لها بانجاز الفعل كإخراج اللسان، وتقطيب الحاجبين، وإمالة الرأس، ولكنه
بعد اكتساب ملكة الكتابة توزع حركاته الجزئية على الأعضاء الخاصة بالكتابة؛ فالطفل عندما يعتاد
على كتابة الحروف لا يشعر بضرورة التركيز على شكل الحرف أو بضرورة الالتزام بالخط المستقيم
عند الكتابة، فيقل الشعور بالجهد الذي يبذله في تعلم كل جزء من أجزاء الكتابة.
المادة تجعلنا نقوم بأفعال كثيرة في وقت واحد فالمتعود على قيادة السيارة يمكنه أن يتحدث مع
من حوله عكس المبتدئ الذي مازال مقيدا بالسلوك الجديد لأنه لم يصل بعد إلى درجة التعود عليه.
والعادة تؤدي إلى إتقان العمل والمهارة والدقة فلاعب كرة القدم الذي تعود تسديد ضربات الجزاء نقل
نسبة الأخطاء في تسديد الكرة خارج المرمى بخلاف اللاعب الذي لم يسدّد في حياته ضربة جزاء.
العادة تحرر فكرنا من الأفعال البسيطة وتسمح له بالارتقاء نحو اكتساب عادات أسمى : فعادة الكتابة
سمحت لنا بالارتقاء إلى التفكير فيما نكتب، وتعود الأم على الطبخ يجعلها تبدع فيه. وفي المجال النفسي
هناك سلوكات كثيرة تسهل التكيف مثل عادة ضبط النفس وكظم الغيظ؛ والعفو عند المقدرة هذه
الأخيرة التي أقسم بها الله عز وجل في القرآن الكريم لعظم منزلتها فقال: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ).
تلعب العادة دورا اجتماعيا حيويا لدى الإنسان فالتوافق والانسجام بين أفراد المجتمع
نتيجة العادة لأنها تجعل البيئة مألوفة لديهم، وتجعلهم متماسكين كعادة التضامن الاجتماعي
والعادات الدينية كعيد الأضحى والمولد النبوي الشريف. وفي المجال الأخلاقي: تعتبر الكثير من
الفضائل التي نفخر بها، ونمدح من أجلها، عادات ورثناها عن آبائنا وأجدادنا مثل عادة الكرم
وحسن الضيافة لدى العرب خاصة في البادية. فاكتساب فضيلة من الفضائل يساعد على اكتساب
غيرها، حيث يقول المتنبي: لكل امرئ من دهره ما تعودا». كما يقول دوركايم: إن الأخلاق تقتضي
أن يكون عند الإنسان استعداد لتكرار الأفعال نفسها في الظروف نفسها، وأن يكون له عادات ثابتة،
لحياة منظمة». وفي المجال العملي لا يواجه الذين تعودوا على البحث العلمي وإجراء التجارب
في مجالات المعرفة المختلفة أي صعوبات في القيام بعملهم رغم الجهد وقد واجه مؤلف هذا الكتاب
في رحاب الفلسفة صعوبة كبيرة في بداية عمله؛ إذ لم يكن يستطيع الاستمرار في الكتابة لأكثر من
ساعتين؛ لكن التعود على المثابرة والجهد جعله يستطيع العمل لساعات طويلة قد تستمر إلى 10
ساعات كاملة .
**النقد **صحيح أن العادة ضرورية في عمليات الحياة اليومية ولكن
أنصار هذا الاتجاه قد بالغوا في تركيزهم على ايجابياتها لأن العادة تقوم على الآلية وهذه الصفة
استقرارها ورسوخها في سلوك الإنسان يؤدي إلى سلسلة من العوائق كالجمود في حياة الإنسان
فالعادة ليست سبيلا للقيام بالعمل بجودة وإتقان دوما؛ فكثيرا ما كانت الغابات
سببا لارتكاب الأخطاء. كما أن قولهم أن العادة الايجابية تساعد في اكتساب عادات جديدة ليس
صحيحا دوما، فمن تسيطر عليه عادة التسرع في إصدار الأحكام يصعب عليه اكتساب عادة جديدة
هي إصدار الأحكام بعد التفكير وليس قبله وبعض الأفراد يكتسبون عادات سيئة لاعتقادهم أنها
تضمن لهم شيئا أو فائدة لذلك قال ببليوس سيروس: " في بعض الأحيان يكون من الانسب
تعود نفسك على ما هو خير ) وهذا قول حكيم ونظر صحيح فإن العادة خير إذا سهلت لنا عمل
الخير ولكنها شر إذا سلبتنا التصرف وجعلتنا عبيدا لشيء من الأشياء لا مفر لنا منه
**الموقف 2** في المقابل يرى بعض الفلاسفة أن التكيف والتأقلم مع العالم
الخارجي، ومواجهة مشكلات الحياة اليومية يتحقق بالإرادة لأنها عامل ايجابي وقوة تمكن الفرد من