تحليل نص الاسطورة والفلسفة لجون بيير فرنان
.
مرحباً زوارنا موقع لمحة معرفة يسعدنا أن نقدم لكم أعزائي طلاب وطالبات الوطن العربي من كتاب الطالب حل السؤال تحليل نص الاسطورة والفلسفة لجون بيير فرنان
الإجابة الصحيحة والنموذجية للسؤال هي
تحليل نص الاسطورة والفلسفة لجون بيير فرنان
لقد كان بزوغ الفلسفة كتفكير جديد بمثابة ثورة عقلية على الاسطورة نتيجة انتقال الفكر الفلسفي اليوناني من الميتوس الى اللوغوس، مما ادى الى احداث تباعدات وقطائع وتوثرات داخلية في العالم الذهني للاغريق. والنص الذي نحن بصدد مقاربته يتحرك في فلك السجال الفكري الذي ميز تاريخ الفلسفة ، الا وهو اشكال ميلاد ونشاة الفلسفة كنمط جديد وخاص من التفكيرواشكالية التقابل، الي ميز هذا الميلاد، بين الفلسفة والاسطورة او ما يطلق عليه بتعبير آخر تلك المواجهة بين الميتوس واللوغوس. سنحاول اذن مقاربة هذا النص من خلال اجابتنا على سؤالين رئيسين: ماهو موقف جون بيير فرنان من اشكال العلاقة بين الفلسفة والاسطورة؟ وكيف ظهرت الفلسفة كنمط جديد للتفكير؟
ان قراءة النص قراءة متاملة في ابعاده وخلفياته الفكرية، تبين ان المؤلف يتبنى موقفا واضحا في استقصائه لظروف نشاة الفلسفة . ذلك ان جان بيير فرنان يحدد ميلادها كنمط من التفكير الجديد في سياق تحولات فكرية وثقافية جعلت الفلسفة في مواجهة الفكر الاسطوري. هدا هو التصور العام والاطروحة التي يبسطها المؤلف،فلنتفحص اكثر ذلك التصور بالوقوف عند اهم اللحظات الفكرية للنص، بغية استقراء المنطق الذي اعتمده فرنان في بناء تصوره.
لقد ابتدا صاحب الاسطورة والمجتمع في الاغريق القديمة نصه برسم مجالين متباينين ومتقابلين بين الفلسفة والاسطورة في الثقافة اليونانية، هما مجال الميتوس ومجال اللوغوس، هذا النفصال والتواجه بين هذين النمطين من التفكير هو ما سمح برسم صورة واضحة لظروف ذلك الحدث التاريخي والحضاري الاغريقي الذي تميز بالجدة والفرادة.انه حدث نشاة وبزوغ الفلسفة كتفكير عقلي مختلف ومتمايزلم يكن له ان يقع الا بتوافر مجموعة من الشروط التي تفاعلت فيما بينه، وهنا يحيل فرنان الى مجموع الظروف الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي ساهمت في تهييئ المناخ الضروري لهذا النمط الجديد من الفكر.وهو ما يعني ان الفلسفة لم تعد ولبدة الدهشة بل اصبحت وليدة المدينة الدولة كفضاء اجتماعي وسياسي من اهم ميزاته :
*بروز المواطن الفاعل والمتدخل في تسيير الشان العام.
*تبلور ما يسمى بالفضاء العمومي (الآغورا) يسمح لهذا المواطن بالظهور وبممارسة كفاءته الى جانب المواطنين الاخرين على اساس من الشفافية والحوار والجدال والحجاج.
وعلى مستوى اخر، يشير فرنان الى ان هذا التحول من الميتوس الى اللوغوس رافقه انتقال هام، حيث تم انتقال التفكير من التقليد الشفوي الى ما هو مكتوب في اشكال ادبية متنوعة ومتعددة...وهنا يجري المؤلف مقارنة بين هذين الشكلين. فاذا كانت الاسطورة تعتمد على خطاب حجاجي بلاغي بهدف الاقناع، فان الفلسفة اصبحت تعتمد على خطاب استدلالي برهاني يستند الى دقة المفاهيم ويقترن بآليات التحليل والاستنتاج محاكيا بذلك النموذج الرياضي في التفكير. وهكذا يكون العقل اليوناني قد انتقل من مستوى الحس والخيال الواسع الى مستوى التحليل والدقة والتنظيم.
بعد هذا انتقل المؤلف ليشير الى التحول الذي اصاب مفهوم اللوغوس ذاته، ذلك ان نشاة الفلسفة سمحت ببروز تقابل،على مستوى الشكل والمضمون، بين كلام الميتوس وكلام اللوغوس، هذا الاخير الذي لم يعد كلاما فحسب بل صارت له قبمة ات معقولية برهانية. فاذا الميتولوجي يعتمد من حيث الشكل على الحكي والسرد الخيالي، فان الفيلسوف/الحكيم يستند الى البرهان القائم على الدليل والحجة.واذا كان راوي الاساطيريعتمد مضامين متعلقة باعمال ومغامرات الآلهة والابطال،فان الفيلسوف يرقى عاى مستوى المضمون الى مفاهيم مجردة.ولعل هذا التحول هو ما سمح لفرنان ان ينتهي الى اعتبار التقابل بين الميتوس و اللوغوس هو تباين وظيفي، وذلك ما يفيد ان الاسطورة تتجه الى اللذة اما الفلسفة كنمط جديد للتفكير فتتجه الى النقد وتربية الحس النقدي لدى الافراد.
ههنا نصل الى القول بان جان بيير فرنان استطاع ان يعتمد بنية حجاجية ترتكز اساسا على المقابلة للدفاع عن اطروحته.وهو ما جعله ينجح في نظرنا في اعتبار ميلاد الفلسفة في الثقافة اليونانية حدثا تاريخيا وحضاريا اغريقيا، ارتبط بنظام سياسي جديد*نظام المدينة الدولة* وببنية ثقافية جديدة تجلت في الكتابة والنثر واعتمدت الحجة والبرهان.