0 تصويتات
في تصنيف ثقافة بواسطة (2.1مليون نقاط)

خطبة جمعة عن شهر رجب / خطبة مكتوبة عن شهر رجب مع الدعاء فضل الأشهر الحرم رجب وصلة الرحم

خطبة بِعِنْوَان رَجَبٍ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ

خطبة عن الأشهر الحرم  صيد الفوائد

فضل الأشهر الحرم رجب وصلة الرحم 

خطبة 

خطبة الجمعة في حرمة رجب

فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ صيد الفوائد

خطبة عن البدع في شهر رجب

مرحباً اعزائي الزوار الباحثين عن خطب الجمعة مكتوبة من منابر الخطباء قابلة للنسخ والطبع خطب إسلامية مع ادعية نهاية الخطبة الثانية من خطبتي صلاة الجمعة يسرنا بزيارتكم أن نقدم خطبة جمعة عن شهر رجب / خطبة مكتوبة عن شهر رجب مع الدعاء فضل الأشهر الحرم رجب وصلة الرحم

الإجابة هي كالتالي 

خطبة بِعِنْوَان رَجَبٍ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ .

 الْخُطْبَة الاولى

الحَمدُ للهِ ،/ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، /وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،/ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ…

 

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

ايَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى . { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [سورة التَّوْبَة : 36 } . .

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اما بعد… الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ هِيَ أَرْبَعَةُ : رَجَب وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ؛ /فَشَهْرٌ مُفْرَدٌ /، وَهُوَ رَجَبٌ ،/ وَالْبَقِيَّة مُتَتالِيَة /، وَهِي : ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ومُحَرَّمٌ .

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا سُمّيَتْ حرمًا ؛ /لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِيهَا الْقِتَالُ بَيْنَ النَّاسِ ؛/ فَلِهَذَا قِيلَ لَهَا حَرُم ؛/ جَمْعُ حَرَامٍ .

 

 

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

إذْن ..نَحْن الْآنَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ . فَإِن شَهْرِ رَجَبٍ أَحَدٌ الشُّهُورُ الْأَرْبَعَةُ الْحَرَم الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالذِّكْر وَنَهَى عَنْ الظُّلْمِ فِيهَا

 

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّوْم مِنْهُنَّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بِأَهْلِه

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أنّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،/ ثُمّ انْطَلَقَ فَأتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ ،/ فَقَال : يَارَسُولَ اللَّه أمَا تَعْرِفُنِي ؟

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

قَال : وَمَنْ أنْتَ ؟ قَال : أنَا الْبَاهِليّ الّذي جِئْتُكَ عَامَ الأوّلِ ، /قَال : فَمَا غَيّرَكَ وَقَدُ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ ؟ قُلْتُ مَا أكَلْتُ طَعَاماً مُنْذُ فَارَقْتُكَ إلاّ بِلَيْلٍ…

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ عَذّبْتَ نَفْسَكَ ،/ ثُمّ قَال : صُمْ شَهْرَ الصّبْرِ وَيَوْماً مِنْ كُلّ شَهْرٍ ،/ قَال : زِدْني فإنّ بِي قُوّةً ، قَال : صُمْ يَوْمَيْنِ ، /قَال : زِدْنِي ، /قَال : صُمْ ثَلاَثَةَ أيّامٍ ،…

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 قَال : زِدْنِي ، قَال : صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ، /صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ، /صُمْ مِنَ الْحُرْمِ وَاتْرُكْ ، /وَقال بِأصَابِعِهِ الثّلاَثَةِ فَضَمّهَا ثُمّ أرْسَلَهَا" . ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

هَذَا هُوَ كُلُّ مَا وَرَدَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِمَّا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاج ، /أَمَّا تَخْصِيصُه بِصِيَامِ يَوْمٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ أَوْ قِيَامٍ بَعْضِ لَيَالِيه….

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 أَوْ تَخْصِيصٍ لَيْلَة السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ باحتفال يُسَمَّى الِاحْتِفَال بِمُناسَبَة الإسْراءُ وَالمِعْراجُ فَهَذِهِ كُلُّهَا أُمُورٌ ،/ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .…

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أَمَّا شَعْبَان فَيَنْبَغِي الإِكْثارُ فيهِ مِنْ الصِّيَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا شَهْرٌ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرِ أَكْثَرَ مِنْهُ صياماً فِي شَعْبَانَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ . ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وَعَن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْرِ مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ : "ذلك شَهْر يَغْفُل النَّاسَ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَان ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وَهُوَ شَهْرُ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صائم" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ..إمَّا تَخْصِيصٌ يَوْمِ النِّصْفِ مِنْهُ بِالصَّوْم ظناً أَنَّ لَهُ فَضِيلَةُ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ أَمْرٌ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ . وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم …

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 أَقُولُ هَذَا الْقَوْلِ . ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِر المؤمنين تُوبُوا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُم ، أَنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . . .

 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 

 

الخطبة الثانية

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ اجمعين..  

 

 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أَمَّا بَعْدُ : فَالْحَقُّ أَنَّ رَجَب لَيْسَتْ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ وَلَا فَضِيلَةَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ أَلَا أَنَّهُ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ كَمَا تَقَدَّمَ .

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وَكَوْن آيَةُ الْإِسْرَاءِ وَالمِعْراجُ حَصَلَتْ فِيهِ عَلَى افْتِرَاضِ صِحَّةِ ذَلِكَ لَا يَسُوغُ لَنَا إحْدَاثُ عِبَادِة فِيهِ لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةٌ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي زَمَنِ خُلَفَائِه الرَّاشِدِينَ وَلَا التَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ -القرون الْمَشْهُودِ لَهُمْ بالخير- ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

هَذَا وَصَلَّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ فَلَقَد أَمَرَكُمْ اللَّهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ عزّ مِنْ قَائِلٍ...{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً… }..

 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اللَّهُمَّ ..صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِك وَرَسُولُكَ مُحَمَّد ، / وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ ، /وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ ، /وَعَنَّا مَعَهُم بِمَنِّك وَجُودك وَإِحْسَانك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اللَّهُمَّ.. أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَانْصُر الْمُسْلِمِين ،/ وَأَذَل الشِّرْك وَالْمُشْرِكِين ، /ودمر أَعْدَاءَ الدِّينِ وَاجْعَل هَذَا الْبَلَدِ آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ .

 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 

عِبَادَ اللهِ ..: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَن الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيَ ،/ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم وَلَذِكْرُ اللهَ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين… وَأَقِم الصلاة…

تابع القراءة في الأسفل لاختيار خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة بعنوان صلة الرحم في رجب فضلها وحكمها 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الخطب والدروس
خطبه الجمعه بعنوان
 (صِلة الرَّحم من أعظم وسائل القرب من الله )
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فضل صلة الرحم في القرآن الكريم
إنَّ صِلة الرَّحم من أعظم وسائل القرب من الله ذي الجلال والإكرام، والأمر بصلة الرَّحم وبيان فضل الامتثال لذلك جليٌّ في القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد:21]، وفي تفسير الآية الكريمة يقول الإمام السعدي رحمه الله سبحانه: "وهذا عامٌّ في كلِّ ما أمر الله تعالى بوَصْله؛ من الإيمان به سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبَّتِه تعالى ومحبَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، والانقياد لعبادته وحده لا شريك له، ولطاعة رسولِه صلى الله عليه وسلم، ويَصِلُونَ آباءهم وأمَّهاتهم ببرِّهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم، ويصِلون الأقاربَ والأرحام بالإحسان إليهم قولًا وفعلًا، ويصِلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب والمماليك بأداء حقهم كاملًا موفرًا من الحقوق الدينية والدنيوية، والسبب الذي يجعل العبد واصلًا ما أمر الله تعالى به أن يوصَل خشية الله تعالى وخوف يوم الحساب؛ ولهذا قال الله سبحانه: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}؛ أي: يخافونه، فيمنعهم خوفهم منه ومن القدوم عليه يوم الحساب، أن يتجرَّؤوا على معاصي الله تعالى، أو يقصِّروا في شيء مما أمر الله سبحانه به؛ خوفًا من العقاب، ورجاء للثواب"؛ (تفسير السعدي: ).
وقال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:22-23]، وفي هذه الآية الكريمة قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: "هؤلاء الذين يفعلون هذا، يعني: الذين يفسِدون ويقطعون الأرحامَ الذين لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته فأصمَّهم، بمعنى: فسلبهم فَهْمَ ما يسمعون بآذانهم من مواعظ الله تعالى في تنـزيله، {وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}؛ بمعنى: وسلبهم عقولَهم، فلا يتبيَّنون حُجج الله سبحانه، ولا يتذكَّرون ما يرون من عِبَره وأدلَّته"؛ (تفسير الطبري
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ . الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ﴾ [البقرة:26-27]، وفي الآية الكريمة بيان لخطورة قطع ما أمر الله به أن يوصَل؛ ومنه صِلَة الأرحام، وبيان أن هذه الأفعال يتَّصف بها الفاسقون، فكانت عاقبتهم أنهم من الخاسرين.
فضل صلة الرحم في السنة النبوية
عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومَن قطعني قطعه اللهُ» (مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله خلَق الخلْقَ، حتى إذا فرغ من خلقِه قالتِ الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائذ بك من القطيعة، قال: نعَم، أمَا تَرضَيْنَ أن أصِل مَن وصلَكِ، وأقطعَ مَن قطعَكِ؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فهو لكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «فاقرؤوا إن شِئتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد: 22]»؛ (البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري).
وعن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجِّلَ اللَّه لصاحبه العُقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخر له في الآخرة -من البغيِ، وقطيعةِ الرَّحم»؛ (الترمذي)
وعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: أنا الرَّحمن، وهي الرَّحِم، شققتُ لها اسمًا من اسمي، مَن وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتتُّه»؛ (أبو داود ).
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»؛ (البخاري)؛ وفي الحديث الشريف درَر ثمينة لترسيخ مفاهيم الإيمان عند المسلمين، وبيان لجملة مِن الأعمال التي يتحقَّق بفعلها تمامُ الإيمان بالله واليوم الآخر؛ ومنها إكرام الضيف وصِلة الرحم، وقول الخير أو الصمت إذا لم يكن هناك خير يقوله، وفي هذا تجنُّب للشرِّ المترتب على عدم قول الخير.
عن عبدالله بن سلَام رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيُّها النَّاس، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيام، تدخلوا الجنَّةَ بسَلام»؛ (ابن ماجه )، يبيِّن الرسول صلى الله عليه وسلم أسبابًا لدخول الجنة دارِ المتقين؛ وهي السَّعي إلى إطعام الغير، وفي هذا فضل للصَّدقة وحث عليها، وصِلة الأرحام، وسلوك كل الطرق التي تؤدِّي إليها، والصلاة بالليل والناس نيام؛ لأنَّها من سُبل الإخلاص؛ لعدم اطلاع الناس على العمل.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه»؛ (البخاري ومسلم)، وفي شرح الحديث الشريف قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى: "وذلك أنَّ الله سبحانه يجازي العبد من جنس عمله؛ فمَن وصَل رحمه وصل الله تعالى أجَلَه ورزقه، وصلًا حقيقيًّا، وضده: مَن قطع رحمه، قطَعه الله تعالى في أجَلِه وفي رزقه".
الأرحام الذين لهم حق الصلة
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "الأرحام هم الأقارب من جهة الأمِّ ومن جهة الأب؛ فالآباء والأمَّهات والأجداد والجدات أرحام، والأولاد وأولادهم من ذكور وإناث وأولاد البنات كلهم أرحام، وهكذا الإخوة والأخوات وأولادهم أرحام، وهكذا الأعمام والعمَّات والأخوال والخالات وأولادهم أرحام، داخلون كلهم في قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]".
كيفية صلة الأرحام
معرفة كيفية صِلة الرَّحم من الأمور الهامَّة للسَّعي لتفعيل هذه الكيفية بكلِّ سبيل يؤدِّي إلى تحقُّقها وجني ثمارها، وفيما يلي بيان لجملة من الفوائد الشرعية:
أولًا: صِلة الرحم مع من قطعها:
ورد في السنَّة النبوية توضيح لأهمِّ قاعدة في صِلة الأرحام؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصِلُ بالمُكافِئ، ولكن الواصل الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصلَها»؛ (البخاري)، وفي هذا الحديث الشريف تبيان عظيم للحثِّ على صِلة الرَّحم والوفاء بحقِّها؛ فمَن يصل مَن وَصَله فهو مكافئٌ لهذه الصِّلة، ولكن مَن يصِل الرَّحم مع مَن قطعها فهو حقًّا يَعرف قدرَ وفضيلة صِلة الرَّحم، ويجاهد نفسه ابتغاء لمرضاة الله تعالى، فالمسلم يصِل جميعَ الأرحام دون اعتبار لنزعات النَّفس أو مواقف الغير تجاه بناء صلة الرحم.
ثانيًا: الصدقة على ذوي الأرحام:
عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله تعالى عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصَّدقة على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرَّحم اثنتان: صدَقةٌ وصِلةٌ»؛ (النسائي).
وعن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل الصدقة الصَّدقةُ على ذي الرحِمِ الكاشح»؛ (رواه أحمد )، وفي هذا الحديث الشريف وصيَّة نبويَّة للحثِّ على أجر كريم؛ وهو الصدقة على ذي الرحم الذي يُضمِر العداوة، ومن يتَّبع هذه الوصيَّة الشريفة فهو يسعى إلى الإخلاص طمعًا في مرضاة الله الكريم، ويجب على المسلم أن يحفظ ماءَ وجه الغير من صِلة الأرحام وغيرهم، وأن يحرص على سرِّيَّة الصدقة، وأن يكون السبيل لذلك شكرًا لله تعالى على نعمه، وطلبًا للثواب، وخوفًا من العقاب، ومن وفى بهذه المطالب فسيجد ما يسرُّه في الدنيا والقبر والآخرة.
ثالثًا: الدعاء بظهر الغيب:
من ينابيع الخير الدعاءُ بظهر الغيب لكلِّ مسلم ولِمن لنا بهم صِلة رحم، وبالأخص الوالدين؛ وذلك لما لهم من حقٍّ عظيم علينا؛ فالدعاء بظهر الغيب مستجاب بفضل الله تعالى؛ فعن صفوان بن عبدالله بن صفوان رضي الله تعالى عنه قال: قدمتُ الشامَ، فأتيتُ أبا الدَّرداء في منزله فلم أجدْه، ووجدتُ أمَّ الدَّرداء، فقالت: أتريدُ الحجَّ، العامَ؟ فقلتُ: نعم، قالت: فادعُ اللهَ لنا بخيرٍ؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول: «دعوةُ المسلم لأخيه بظهرِ الغيبِ، مُستجابةٌ، عند رأسِه ملَكٌ مُوكَّل، كلَّما دعا لأخيه بخيرٍ، قال الملَكُ الموكل به: آمين، ولكَ بمِثل»؛ (مسلم)، فلنحرص على ملازمة الدعاء للمسلمين ولمن لنا بهم صلة رحم، ومن ثابر على ذلك نال الوعد العظيم بالاستجابة.
رابعًا: وصايا أهل العلم في كيفية صلة الرحم:
ورد في موقع الإسلام سؤال وجواب مختصرٌ مفيد لأقوال بعض أهل العلم في كيفية صِلة الرحم كما يلي:
قال النووي رحمه الله تعالى: "صلة الرَّحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك"؛ (شرح مسلم 201/2).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "قال القرطبي رحمه الله تعالى: الرَّحِم التي توصَل: عامَّة وخاصة، فالعامَّة: رحِم الدِّين، وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح، والعدلِ والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وأمَّا الرحم الخاصَّة: فتزيد للنَّفقة على القريب، وتفقُّد أحوالهم، والتغافُل عن زلَّاتهم"؛ (فتح الباري [10 / 418]
وربما سائل يقول  هل تجوز صِلة الرحِم عبر التليفون؟  "نعم، هذا من صِلة الرحم، المكالمة الهاتفية، والمكاتبة بالقلم، كلها من الصِّلة، كونه يكتب إليه، إلى أخيه، أو عمه، أو قريبه، يسأله عن صحَّته وعن حاله، أو يكلمه بالهاتف - كلُّه طيِّب، كله من الصلة"؛
وكذلك "صلة الرحم ليس فيها حدٌّ؛ لا في المدة، ولا في الكيفية، ولا بالذي يوصل به؛ مال أو كسوة أو غيره، فجاءت النصوص مطلقة "صلة رحم"، فما عدَّه الناس صلة فهو صلة، وما عدوه قطيعة فهو قطيعة؛ وبهذا تختلف الأحوال، قد يكون الناس في حال فَقر والأقارب يحتاجون كثيرًا؛ فهنا لا بد أن أصِلَهم بالمال، وقد يكون بعض الأقارب مريضًا يحتاج إلى عيادة؛ فلا بد أن أعوده، فالمهم أن صِلة الأرحام موكولة إلى عرف الناس، وليس لها حد"؛
خامسًا: دلالة صلة الأرحام على الطاعات:
أنَّ من أعظم سبل الوفاء بحق صِلة الرحم الدلالةَ على الطاعات بالنصح المبذول بالحكمة والموعظة الحسنة؛ ولذا فلنحرص عند كل زيارة لصِلة الرحم أن نبلغ معلومة شرعيَّة من القرآن الكريم والسنة النبويَّة، وهناك العديد من الطرق؛ مثل بيان لحكم شرعي، أو توضيح لأجرِ سنَّة نبوية، أو الحث على اغتنام فضائل ذِكر من الأذكار الشرعية؛ وهذا دأب للمسلم في كل حياته، ويتأكَّد ذلك مع مَن لنا بهم صِلة رحم، عسى أن يكون ذلك سببًا للنجاة، ويتولَّد عن هذه المنهجية اغتنام كنز عظيم، وهو أجر الدلالة على الخير؛ فعن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدالَّ على الخير كفاعلِه»؛ (رواه الترمذي،
سادسًا: التواصي مع الغير بصلة الرحم:
إن التواصي مع الغير بصلة الرَّحم من أبواب صلة الرحم العظيمة، وبث الخير في نفوس الناس، فالبعض لهم تجارب حميدة في هذا الشأن، فيتَّصل ببعض أقاربه بغرض الزيارة لغيرهم من ذَوي صِلة الرحم، وفي هذا تجب الإشارة إلى ضرورة حث الأقارب على تفعيل هذه الصِّلة؛ من الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات والزوجات، وحتى الأطفال الصغار، يتمُّ تنشئتهم لمتابعة هذا النَّهج لنيل أجر الدلالة على الخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله وملائكتَه وأهلَ السَّموات والأرض، حتى النَّملة في جُحرها، وحتى الحوت - لَيُصَلُّونَ على معلِّم النَّاس الخيرَ»؛ (رواه الترمذي
سابعًا: حل النزاعات بين ذوي الأرحام:
إنَّ الإصلاح بين الناس، وحل النزاعات، وإشاعة طمأنينة النفس، ونبذ العداوة -من أُسس الأخلاق الحميدة في الإسلام، قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114].
وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أُخبِرُكم بأفضل من درجة الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟»، قالوا: بلى، قال: «صلاحُ ذاتِ البَيْنِ؛ فإنَّ فساد ذاتِ البَيْنِ هي الحالقةُ»؛ (الترمذي)، والسعي للإصلاح يكون بالحكمة لنَزع فتيل الغضب من المواقف، وبذر المحبَّة والتآلف، مع إعطاء الحقوق وتحقيق المصلحة الشرعية لجميع الأطراف.
ثامنًا: توثيق الصلة بالأرحام بكل سبيل:
ويتبيَّن من وصايا أهل العلم السَّعي الحثيث لتوثيق الصِّلة بالأرحام؛ وذلك بكل طريق مشروع؛ مثل الزيارة، والسؤال، والدعم المالي والمعنوي، وذلك بلا تَعالٍ وبكل مودَّة واحترام وإخلاص، وأعظم صلة للرحم هي الصِّلة بالوالدين، فلنكثر من الدعاء والاستغفار لهما، وليكن الهدف العظيم والأجر الكريم نصب عينَيْ كلِّ مسلم يقدر الفضل حقَّ قدره، مَن وصل الرَّحم وصله الله الكريم، فكل البشرى والفلاح لمن وصله الله مَلِكُ الملوك.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الواصلين للأرحام، وأن يرزقنا من فضله الكريم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير مَن وصَل الرَّحم، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
0 تصويتات
بواسطة (2.1مليون نقاط)
خطبه الجمعه بعنوان(حق الأخت على أخيها)
الحمد لله..
فمن قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [الساء: 1].. ندرك عظم صلة الرحم، ومن أجلّ الأرحام التي أمرنا بصلتها والإحسان إليها -بعد تقوى الله تعالى- في السورة التي تحدثت عن الرحمة بالضعفاء -سورة النساء- : صلة الأخوات.
نعم الأخوات في كثير من الأحيان أضعف من الأخوة: لأن الذكر أقوى من الأُنثى، فكان لهن من الحقوق على إخوانهنَّ ما يُقَوِّي ضَعفهنَّ، ويُزيل عجزهنَّ، ويوفر الرعاية والحماية لهنَّ. والأصل أنَّ الأُختَ تحبُّ أخاها وتعتزُّ به، وتحس بالأمْن معه، ترفع به رأْسَها، وتقوي به ركْنَها، تفرح لفَرحه، وتحزن لِمُصابه، وتبكي لفِراقه، ومَن قرأ رثاءَ الخنساء - رضي الله عنها - لأخيها "صخر"، بَانَ له منزلة الأخ في قلب أُخته[1].
وقد تُقدِّم الأختُ أخاها في حال الخطر على زوجها وولدها؛ من شدة مَحبَّتها له، ووجْدِها عليه، ووفائها لعهْده، وحِفْظِها لعِشرته، وعدم نسيانها لطفولته؛ كما ذكَرَ أهلُ السِّيَر أنَّ الحجاج قال لامرأة أَسَر في بعض حروبه زوجَها وابنَها وأخاها: "اختاري واحدًا منهم، فقالتْ: الزوج موجود، والابن مولود، والأخ مفقود، أختارُ الأخ، فقال الحجاج: عفوتُ عن جماعتهم؛ لحُسْن كلامها"[2].
ولو لم يكنْ بين الأخ وأُخته من رباط إلا أنَّهما من صلبٍ واحد، أو حواهما رَحمٌ واحد، أو رَضَعَا من ثَدي واحدٍ، لكان ذلك حقيقًا بحِفظ حقِّها، ووفور مَودَّتها، ورسوخ مكانتها، فكيف إذا اجتمَع ذلك كلُّه، وأغلب الإخوان والأخوات عاشوا طفولةً واحدة، وكانوا تحت سقفٍ واحد، واشتركوا في الطعام والشراب، وتقَاسَموا الأفراحَ والأحزان.
في حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الجَنَّةُ» (رواه الترمذي)[3]. وعند الإمام أحمد: «مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ، أَوْ أُخْتَيْنِ، أَوْ ذَوَاتَيْ قَرَابَةٍ، يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، حَتَّى يُغْنِيَهُمَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ يَكْفِيَهُمَا، كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»[4]. وفي الحفاظ على الأخت وإكرامها والحميّة عنها ضرب معقل بن يسار رضي الله عنه أروع الأمثلة في ذلك، فقد روى البخاري عن مَعْقِل بْنُ يَسَارٍ قال: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232] فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ»[5]. وهذا جابر بن عبدالله رضي الله عنه يضحي برغباته من أجل أخواته، يموت أبوه شهيدًا يوم أحد، ويترك له تسع بنات أخوات! قال جابر رضي الله عنه: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «مَا تَزَوَّجْتَ؟ أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟»، فَقُلْتُ لَهُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، قَالَ: «أَفَلَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا؟»، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي - أَوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ إِلَيْهِنَّ مِثْلَهُنَّ فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ[6]. ولهذه الأحاديث ولغيرها يجب على الأخ أن يشعر أخته بأنه سندها وعضيدها في كل مشكلة تمر بها.
ومن طريف ما يذكر من الوفاء للأخوات أن كتبت إعلامية أمريكية مشهورة سيرتها الإعلامية الطويلة الناجحة في كتاب سمته: "تجربتي مع قادة العالم ومشاهيرهم"، أجمل ما فيه: أنها أهدته لأختها المتخلفة عقليًّا، وقدمت له بمقدمة ضافية ذكرت فيها أنها سمت ابنتها على اسم أختها، وأن إحساسها منذ الصغر بمسؤوليتها تجاه أختها حفزها للجد والاجتهاد، حتى حازت هذا النجاح. فتأملوا وفاءها لأختها رغم تخلف عقلها، ولعلها وفقت في عملها بسبب قيامها عليها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ»[7]، فالله الله في الأخوات.. والله الله في النساء!
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
الحمد لله:
بُعْدُ الأخ عن أُخته في طفولتهما لفِراق أبَوَيهما واقتسامهما، أو لقطيعة بين زوجات الأب أو أزواج الأم أو غير ذلك، كلُّ أولئك يجبُ ألا يكون سببًا في قطيعة الأخ لأخته؛ فإنها ضحيَّة مثله، وجناية أبَوَيهما عليها أشدُّ من جنايتهما عليه، فليُطهِّر قلبَه عليها، ولينسَ الماضي بما فيه من سوء، وليَصِلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وعلى الأخ ألاَّ يفرِّقَ في المعاملة والحفاوة بين عيال إخْوَانه وعيال أَخَواته بحجَّة أنَّ عيال إخوانه يحملون لقَبه؛ فإنَّ الأخوات يلْحَظْنَ ذلك، ويُحزنهنَّ ويؤثِّر في قلوبهنَّ، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد عدَّ ابن الأخت من القوم؛ فقد دعا الأنصار في شأنٍ خاص فقال: «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ» قَالُوا: لاَ، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ»؛ رواه الشيخان[8].
ومن الإحسان إلى الأخت بعد موتها تفقُّد ولدها وزوجها، والدعاء لها، وإبراء ذِمَّتها مما عليها من الحقوق؛ لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ»[9].
ألاَ فاتقوا الله ربَّكم، واعرفوا حقوقَ أخَوَاتكم عليكم، وصِلوهنَّ بما تستطيعون من أنواع الصلة؛ فإن في الصلة بسطًا في الرزق، وطولاً في العمر، مع ما فيها من أجرٍ عظيم في الآخرة، ولا يُحْرَم فضل ذلك إلا محرومٌ[10].

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى لمحة معرفة، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...