قصيدة الى أمتي الصف الحادي عشر
أطلعتها سري فضج مطوّق كانت له المهج العزاز تساق
وطن يراني فيه صاحب بدعة في حبه ويغار كيف أشاق
وتربعت في خيمة بدوية نفس لها بين النجوم رفاق
مبهورة بهوى القريض أبيةعربية إنسانها عملاق.
في تلك الأبيات يروق لسموه أن يؤكد دور الثقافة والشعر، يروق له أن يذكر القارئ بتلك البساطة التي يتميز بها سموه، هذه البساطة في أكناف خيمة عربية يسطع فيها قريض الشعر، إنما هي صورة تستأنس ذلك الصفاء، وتستأنس ذلك المجد في عصمة الكلمة الممهورة بحد النباهة والرأفة وتروم إنساناً عربياً متناغماً مع هواجسه، ومتصالحا مع مبادئه، ومصافحا نجمة تحلق في الأعالي، تقول لهذا الراهن العربي كفى وألف كفى.
في تلك الخيمة البدوية التي ترنو إلى الأعالي أخذ سموه يجمع نور الحروف، فينتشي قلمه على أوراق بيضاء، كأنها بمثابة البشارة، التي ترفض هذا الواقع وتزدريه، فإذا الحروف تتحول إلى كلمات مجنحة وإذا الصفحات ترق، وتهدأ، وإذا بها تشرق وتمعن في الإشراق، طالما تذكرت تلك الأمة العظيمة، التي ربما يخبو مجدها مؤقتاً، ولكنها في مقبل الأيام ستنهض، كسابق عهدها، في الواقع الذي كان، وفي متون الكتب وفي ظلال التاريخ، الذي سطر أبهى وأنصع الإنجازات.
وأخذت أجمع نور حرفي فانتشى قلم له تتنافس الأوراق
فإذا الصريف حفيف أجنحة العلا وإذا الصحائف كلها إشراق.
وها هو سموه يؤكد على ما يليق بالإنسان العربي، وما يليق بالأمة العربية والإسلامية، كما يذكر بالنهج الذي سارت عليه وخططت له الإمارات التي تروم الصدارة والمركز الأول في كل الميادين، وهو الذي يؤكد الأقوال بالأفعال والبراهين، وهي الحقائق التي تجسدت على أرض الإمارات، التي تثبت يوما بعد يوم أنها أهل للجدارة والاستحقاق.. وأنه لا ينازعها في بلوغ هذا الهدف أي مستحيل، طالما تسلحت بالعلم والإيمان وبثقة الإنسان العربي بتاريخه وحاضره، ونهج قيادته الرشيدة التي تعمل المستحيل، لكي تبقى شامخة يتردد صدى صوتها في الأعالي.
في البيتين الثامن عشر والتاسع عشر يؤكد سموه على أصالة الإنسان العربي ونسبه العريق الذي يفاخر به بين الأمم والشعوب، لما قدمه الإنسان العربي عبر تاريخه الطويل من إسهامات عظيمة أفادت البشرية جمعاء ونهضت بمستوى معارفه، هذه الحضارة التي انطلقت من أرض الخليج العربي، حيث الشرف والبطولة والعنفوان والكرم هما عنوان الإنسان ومداده، ومنهجه الحياتي الذي يمارسه في كل الأوقات والأزمان من دون انقطاع، وهذه الصفات هي عهد كل عربي أصيل يتمتع بالشهامة والإباء، كما يؤكد سموه على كثير من النقاط التي يجب التوقف عندها، والتي تلخص في مجموعها صفات العربي الأصيل الذي إذا ما اشتدت الصعاب عليه، يلجأ للحكمة، والحكمة في عرف العرب، هي خلاصة تجارب الناس عبر مئات السنين.
ويشير سموه إلى استمرارية هذا النهج المتأصل لدى أهل الخليج في الخمسة التالية، حيث كانت دول الخليج هي السد المنيع والحصن الذي منع انهيار الأمة العربية وغرقها في دوامة العنف والحروب أكثر مما هي غارقة الآن، ولولا بطولات جنود الخليج الشجعان والبواسل لكان اليمن الشقيق قد ضاع وقسم وأحرق من الداخل وأصبح مستقبله حالك السواد تائهاً في دوامات العنف والتشرذم، لكن جيوش الخليج جاءت منتصرة لطلب أبناء اليمن ونجدتهم من الشرذمة التي تحاول العبث بأرضه وإغراقه، فانطلق بواسل الخليج يذودون بأرواحهم لنصرة أهلهم في اليمن، فكانوا كما يقول سموه في صورة رائعة «كتائباً تنساق».
تستمر القصيدة في تصوير مواقف البسالة، وشجاعة هؤلاء الجنود، وما سطروه من مجد، وهم عند خط النار يقبضون على سلاحهم وينصرون المظلوم ويعيدون إليه الحق، وهم حافظو العهد، وإذا جاء يوم القتال فهم دائماً رجال الفداء، ولولا هذه التضحيات العظيمة لكان وضع المنطقة مختلفاً جدا وكان أهل اليمن يعيشون أصعب الأحوال، في ظل سيطرة فئة من المخربين والعابثين أو السارقين كما يصفهم سموه.
ودول الخليج اليوم هي ملاذ الأمة وعنوان مجدها، وهي الحصن المنيع الذي يعيد عزة الأمة العربية، وتاريخها المجيد وأثرها العظيم، ويعيد لها الفخر بعد السنين الطوال التي انحنى فيها ظهر العرب، ومادام أن دول الخليج يد واحدة، فالواجب يقتضي التعاضد لدحر العدوان، وأصحاب النوايا البائسة التي تحاول أن تزعزع أمن المنطقة، ومادام العرب جميعاً في خندق واحد، فما يحصل في ذلك الخندق يحصل للجميع.
ويتابع سموه مؤكداً على أن دول الخليج ستعيد قوة الأمة وكبريائها لتلحق بركب الحضارة العالمية وتكون أحد المساهمين في هذه الحضارة في شتى المجالات الفكرية والعلمية، بل وتكون السباقة والأولى وقائدة لمسيرة التطور والازدهار التي يحلم بها البشر جميعاً.
دعوة إلى الجد والاجتهاد
يطرح سموه في الأبيات الثلاثة الأخيرة من القصيدة خلاصة وحكمة مضمونها، أن الحياة مليئة بالصعوبات والعقبات، وهي سباق نحو الريادة والعطاء والتقدم، ولا يقدر على مجاراتها إلا من كان كفؤا لها ومستعداً لخوض المواجهات على كل الأصعدة، فلا الانتظار والجلوس دون عمل يفيد، بل المفيد هو استنهاض الهمم والعمل الدؤوب والمكثف والدفّاق في سبيل رفعة الأمة وعزتها.
ويأتي ختام القصيدة في البيت الأخير ليستلهم الحكمة والعزيمة من قول الله عز وجل، حيث يذكر سموه بضرورة العمل والاجتهاد والجد في سبيل الوصول إلى الهدف، فلكل مجتهد نصيب وأجر على اجتهاده.