مقالة حول تعدد الانساق في الرياضيات 2023
مقالة حول تعدد الانساق في الرياضيات
مقالة تتحدث عن تعدد الانساق في الرياضيات
نرحب بكم اعزائي الزوار في موقع لمحة معرفة lmaerifas.net التعليمي يسرنا زيارتكم موقعنا الأول المتميز بمعلومات الصحيحة على أسالتكم المتنوعة من شتى المجالات التعلمية والثقافية والاخبارية كما نقدم لكم الكثير من الأسئلة بإجابتها الصحيحه من مصدرها الصحيح ومن أهمها إجابة السؤال ألذي يقول........ مقالة حول تعدد الانساق في الرياضيات 2023
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
هل تعدد الانساق في الرياضيات دليل على خصوبتها ؟ هل تعدد الانساق يسيء الى اليقين الرياضي ؟
مع الشعب العلمية وشعبة اللغات.
طرح المشكلة : النموذج01
لقد فطر الإنسان منذ وجوده على طلب الحقيقة بكل أصنافها ، فتنوع بحثه بين ما هو علمي وما هو فلسفي ، غير أن الحقيقة الرياضية كانت أولى الحقائق انفصالا واستقلالية عن الفلسفة ، فشكلت كيانها واستقلت بذاتها منذ القديم ، ولم تكتف بذلك فقط بل أعلنت نفسها سيدة العلوم وأوضحها كنموذج للدقة والمطلقية واليقين ، وقد صمدت هذه الحقيقة مدة طويلة جدا من الزمن فآمن بها وأكد عليها الرياضيون الكلاسيكيون إلى درجة جزمهم أن المعرفة الرياضية بعيدة كل البعد عن الإرتياب والشك ، غير أن الواقع المعرفي المعاصر للهندسات اللاإقليدية دفع الرياضيين المعاصرين للشك في تلك النظرة المثالية للرياضيين الكلاسيكيين ، فأقروا بنسبية الرياضيات وخلعوا عنها مطلقيتها .أمام هذا الجدل بين الرياضيين الكلاسيكيين و المعاصرين ، هل يمكن القول أن للرياضيات حدودا ومآخذ من شأنها أن تجردها من قيمتها ؟
الاطروحة الاولى : يرى الرياضيون الكلاسيكيون أن الرياضيات هي النموذج الأسمى للدقة واليقين المطلقين الذين لا يراودهما الشك ، وهي العلم الذي تعتبر نتائجه صادقة بشكل مطلق لا تتأثر بالمكان والزمان ، ولا بتغير المناخ المعرفي بأي شكل من الأشكال ، وسها وصياغة نتائجها نظرا لقيمتها الثابتة ، وقد اعتُمد في هذا على مسلمة عامة متمثلة في القول أن الصدق صفة جوهرية لا عرضية في الحقائق الرياضية . ويعتمد أنصار الرياضيات الكلاسيكية على عدة حجج ، فالرياضيات تكتسب قيمتها من اليقين الذي تُعرف بها مفاهيمها من جهة ، وفي اللغة الرمزية التي تستعيرها العلوم الأخرى منها من جهة أخرى . فالرياضيات أكثر العلوم دقة وتطورا ، وذلك يعود إلى كون مفاهيمها واضحة ، بسيطة ، مطلقة وثابتة ، إذ أننا نجد مفهوم المربع مثلا يتجلى في الذهن واضحا لا يساوره أي غموض وبسيطا لا تعقيد فيه ، كما أنه يتكشف كحقيقة مطلقة ثابتة و مستقلة عن الأعراض المادية المتغيرة وبالتالي فمفهوم المربع ـ كباقي المفاهيم الرياضية الأخرى ـ ذهني مجرد لا يطرأ عليه ما يطرأ على المادة . كل هذا يجعلنا ندرك الفرق بين التعريفات الرياضية المطلقة والتعريفات التجريبية النسبية المتغيرة فالمعنى التجريبي للماء مثلا تطور وتغير من الفكرة اليونانية التي تقول "إن الماء جسم بسيط" إلى الفكرة الحديثة مع "لا فوازيه" التي تقول "إن الماء جسم مركب" عكس المفاهيم الرياضية التي لا تتغير بل هي مكتملة منذ البداية وحتى إن اختلف الرياضيون في تعريف معين فإن الإختلاف لغوي عرضي في حين أن المعنى والجوهر واحد ، وهذا ما يجعل هذه المفاهيم منطلق كل تفكير رياضي . ويقين الرياضيات حسب الكلاسيكيين لا يتأتى فقط من طبيعة المفاهيم المجردة وإنما أيضا من المنهاج الإستنتاجي المشتق من طبيعة هذه المفاهيم التي تعد مبادئ ثابتة ومطلقة أساسية في بناء الفكر الرياضي وهي متمثلة في التعريفات والبديهيات والمصادرات (المسلمات) ، ولما كانت هذه المبادئ صحيحة في ذاتها فإن النتائج المترتبة عنها تكون الضرورة صحيحة . مما جعل "كانط" يقول :« إن الرياضيات تنفرد وحدها بامتلاك التعريفات ولا يمكن أن تخطأ »، وليس من الغريب أن يعجب الناس بالرياضيات منذ القديم حتى أن "أفلاطون" اشترط لدخول أكاديميته أن يكون الطالب ملما بعلم الهندسة فقال : «فمن لم يكن رياضيا لا يطرق بابنا». وعندما جاء " روني ديكارت" جعل الرياضيات قمة في الوضوح والتميز ، وزادها "إيمانويل كانط" قيمة وتقديرا عندما ربطها بالمكان والزمان كمفهومين عقليين مطلقين سابقين للتجربة ومن الواضح أن الرياضيين الكلاسيكيين دعّموا موقفهم بنظرة العلوم الأخرى للرياضيات وتطلعها لمحاكاة دقتها وصدق نتائجها حتى أصبح المنهج الإستنتاجي الرياضي جزءا لا يتجزأ من المنهج التجريبي للعلوم ، وفي هذا يقول "برغسون" : «إن العلم الحديث وليد الرياضيات » ، ولعل هذا مايبرر أن العلوم التجريبية كالفيزياء اصبحت تصوغ ملاحظاتها في لغة رياضية كالمعادلات والمنحنيات البيانية ، وكمثال على ذلك قانون سقوط الأجسام م= ½ ج ز ، ولذلك يقول"بيكار" : «اللغة الرياضية ذات قوة عجيبة في التغير والتنبؤ» ، وبالمختصر فإن قيمة الرياضيات لم تظهر إلا يوم فكر "كبلر" و"غاليلي" و "نيوتن" في استخدام الأعداد من أجل معرفة الكون المادي .لكن هل بالفعل قدم لنا الرياضيون الكلاسيكيون ما يضمن للرياضيات بقاءها بعيدا عن دائرة الشك والمآخذات ؟
النقد والمناقشة :لكن نلاحظ انه حقيقة لا يمكن إنكار ما ذهب إليه الكلاسيكيون في القول بقيمة الرياضيات وخدمتها للعلوم الاخرى ، لكن هذا لن يمنعنا من الشك في مطلقية منطلقاتها ونتائجها ، إذ كيف يمكن لعلم أن يكون يقينيا بشكل مطلق في حين أنه انطلق من مسلمات لا تحمل يقينها في ذاتها و لا يمكن البرهنة عليها كقولنا : «من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نرسم إلا مستقيما واحدا موازيا له » ، ولا يمكن من جهة أخرى اعتبار ضرورة هذه المسلمات لقيام الهندسة الإقليدية حجةً لصدقها ، بل ستبقى موضعا للشك والتساؤل والنقد . ثم إذا كانت الهندسة الإقليدية بالفعل مطلقة فكيف نفسرالواقع المعرفي للهندسات المعاصرة اللاإقليدية المُثبت لعكس ذلك
الاطروحة الثانية :خلافا لما ذهب إليه الرياضيون الكلاسيكيون يرى الرياضيون المعاصرون أن الرياضيات لم تبق ذلك النموذج الأسمى للدقة التي لا يراودهما الشك و الذي تعتبر نتائجه صادقة بشكل مطلق لا تتأثر بالمكان والزمان ، ولا بتغير المناخ المعرفي ، ولذلك فالرياضيات نسبية لا يرتبط الصدق بقضاياها بشكل جوهري بل بشكل نسقي متغير ، حيث يمكن القول أن الرياضيات فقدت قيمتها وموقعها المرموق الذي كانت تتمتع به مع الرياضيين الإقليديين . وقد كان المنطلق في إثبات ذلك مسلمة عامة تمثلت في القول أنه لا وجود لبديهيات أو تعريفات ثابتة بل كل الحقائق الرياضية مصادرات مسلَّم بها
وقد قدم أنصار هذا الموقف عدة حجج لإثبات موقفهم والتأكيد عليه ، فالحقائق الرياضية حسبهم تفقد دقتها وتقع في التقريبات كلما نزلت إلى التطبيقات التجريبية الواقعية ، فعندما نحاول مثلا تقدير العدد π حسابيا فهذا العدد محدد تحديدا دقيقا حسب العلاقة بين الدائرة وقطرها ، ولكنه ينزل دون الدقة عندما يقدر فيزيائيا . إن دقة الرياضيات لا تنطبق إلا على الأعداد المجردة و الأشكال الذهنية ، ولكنها تنقلب إلى تقريبات إذا ما اتجهت نحو الوقائع التجريبية . يقول "أنشطاين" : « إن قضايا الرياضيات بقدر ما ترتبط بالواقع بقدر ما تكون غير يقينية . وهي بقدر ما تكون غير يقينية بقدر ما ترتبط بالواقع » ، ومعنى هذا أن هذه القضايا إذا كانت تابعة للشروط التجريبية كانت بعيدة عن الصدق . والرياضيات لا يظهر نقصها فقط بالنسبة للعلوم الفيزيائية ، بل الأكثر من هذا أن الدقة الرياضية تقل شيئا فشيئا كلما توجهنا بها نحو أكثر العلوم تركيبا وتعقيدا كالعلوم البيولوجية وخاصة العلوم الإنسانية (النفسية والإجتماعية) لأن خصائصها لا تلائم كثيرا القوالب الرياضية ، إذ أن مواضيعها تُختزل في حركة نفسية شعورية لا تخضع تماما للحسابات الرياضية الكمية ، بل كلما حاول العقل الرياضي صياغتها زادها تشويها.و بعيدا عن ارتباط الرياضيات بالعلوم الأخرى ، فالتفكير الرياضي في حد ذاته لا يمكن وصفه بالمطلق . إذ أن الرياضيات تجردت من بعض صرامتها يوم خرجت للوجود هندسات مغايرة لهندسة "إقليدس" . لقد أعلن "لوباتشفسكي" العالم الروسي عن هندسة خاصة يكون فيها مجموع زوايا المثلث أقل من قائمتين ، وقد اعتمد في ذلك على مسلمة مؤداها أنه من نقطة خارج مستقيم يمكن أن تمر ما لا نهاية من الموازيات . ذلك لأن المكان مقعر وليس مسطحا ، وقرر العالم الألماني "رييمان" أن المكان كروي وأنه تبعا لذلك ، لا يمر من نقطة خارج مستقيم أي موازي وأن مجموع زوايا المثلث يساوي أكثر من قائمتين . والعجيب في الأمر أن هذه الهندسات كلها ليست متناقضة رغم ان المسلمات التي تستند إليها حول المتوازيات ليست واحدة ، ولعل هذا هو الذي يبين انه لا وجود ليقين مطلق في الرياضيات وهذا ما يدعوه "بوليغان" : « انحطاط المبادئ المطلقة في الرياضيات » ، وهذه حقيقة تقضي على رأي "كانط " الذي يعتبر مقولة المكان الإقليدي المستوي صورة قبلية عالمية ، لأنه لو كان رأيه صحيحا لكان مفهوم المكان مطلقا ، و ما ظهرت له مفاهيم جديدة .إن الهندسة اللاإقليدية بينت أن ماكان يعتبر ثابتا في الرياضيات أصبح نسبيا متغيرا وأنه لا وجود لبديهيات مطلقة ، ولعل هذا ما قصده "بوانكارييه" حين قال : «إن المصادرات تتجلى كتعريفات متنكرة »، و"بوليغان" عندما قال : « إن كثرة الأنظمة في الهندسة لدليل على أن الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة » والنتيجة التي يمكن استخلاصها من هذه النهضة الفكرية هي أن مبادئ الرياضيات لا تعدو أن تكون مصادرات يسلم بها الفكر أو هي مجرد فرضيات كما قال "هلبرت" . وعلى هذا الأساس يكون من المشروع تأسيس هندسات أخرى نتصور فيها المكان خاليا من الأبعاد أو ربما تتعدى أبعاده الأربع أبعاد المعروفة، وهي هندسات لا تمد بصلة للواقع ولا مجال لوجودها غير الورق الذي يحتضن الحسابات الرياضية. ولذلك يقول "برتراند راسل" ساخرا من الرياضيات : « إن الرياضيات هي العلم الذي لا يعرف عما يتحدث ولا إذا كان ما يتحدث عنه صحيحا » نظرا لإغراقها في التجريد
ولكن ،هل التأكد من تعدد المسلمات والأنساق الرياضية وبالتالي نسبية الرياضيات ، يعني ان أنها فقدت قيمتها ؟
النقد والمناقشة :لا يمكن إنكار أن الرياضيات نسقية و أن مبادئها مسلمات ، إلا أن ذلك لا يعني أن تباين الهندسات يجعل من الرياضيات ضربا من العبث الفكري الذي لا طائل منه ، ثم إن العديد من المبادئ مازالت صامدة وفي مأمن من التغير رغم تباين الهندسات ، مثل مبدأي الهوية وعدم التناقض اللذين نجدهما في كل استدلال رياضي . ألا يجب الإعتقاد أن الرياضيات مازالت تحتفظ بقيمتها كمرجعية للعلوم ،وأ ن الموجة النقدية التي أتت لتزعزع مكانتها ماهي إلا زوبعة في فنجان سرعان ماستزول .
التركيب : قيمة الرياضيات تكمن في التجريد والتسلسل المنطقيمن خلال التمعن في الموقفين السابقين يمكن الإعتراف أن الرياضيات لم تعد ذلك العلم الذي ينطلق من البديهيات والتعريفات كمبادئ مطلقة بل أصبح اليقين الرياضي لا يكتسب قيمته إلا أذا أُدرج في النسق الذي ينتمي إليه ، فمثلا حين نقول « مجموع زوايا المثلث يساوي زاويتين » فإن كلامنا صحيح بالنسبة للمسلمة الإقليدية للمتوازيات ، وهو خاطئ بالنسبة لمسلمات أخرى ، ولهذا فإن كل هندسة صحيحة مادامت لا تتناقض مع مبادئها وفي هذا يقول "بوانكارييه" : « إن هندسةً ما ليست أكثر يقينا من هندسة أخرى ، إنها فقط أكثر ملاءمة » . ومن هنا يمكن القول أن صحة القضايا الرياضية نابع من الخطوات البرهانية التي تقتضي من الفكر الذهاب من مقدمات إلى نتائج .
وأرى شخصيا في هذه المشكلة ، أن الرياضيات مازالت اللغة السليمة التي يعشقها العقل وتستعيرها المعرفة ، فلا يجب أن ننساق مع " برتراند راسل" وراء النظرة المتهكمة عل الرياضيات ، بل على العكس من ذلك يجب القول كما قال "بورال" أن الرياضي يعرف على الأقل نظريا ما يقول ما دام أنه هو الذي يضع مسلماته ويختارها ، أما من الناحية العملية النفعية فإن جهد العقل الرياضي لا يعد ترفا فكريا ، ذلك لأن افتراض مسلمات عقلية لا تمت بصلة للواقع، لا يعني أن الرياضي يقيم أفكاره بعيدا عن متطلبات الحياة العملية . إذ أن العالم الرياضي بمثابة الخياط الذي يصنع الملابس دون أن يعرف لمن ، ثم يتقدم في يوم من الأيام أحد المشترين لارتداء ما يناسبه منها ، وكأنها صنعت له خصيصا . فمثلا هندسة "رييمان" التي تظهر مغرقة في التجريد ، استغلها "انشطاين" فيمابعد ـ رغم أنها بقيت مدة من الزمن جانبا نظريا غير مُجسَّد ـ لصياغة نظريته "النسبية العامة" ، وحتى الأعداد المركبة التي تنسب إلى "كاردون" و "بومبيلي" تم استخدامها لقياس خصائص التيارات في مجال الكهرباء . كل هذا عبر عنه "غاستون باشلار" حين قال : « إن تطور الرياضيات يضعنا أمام حقيقة هامة ، وهي أن الفكر الرياضي لم يكتف فقط باستخلاص المجرد من المشخص ، بل أصبح ينشئ المجرد ويعرضه على التجربة لتكون مطابقة له » .
تابع قراءة خاتمة المقال في اسفل الصفحة على مربع الاجابة