مقالة فلسفية هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية شعبة آداب و فلسفة بكالوريا 2022
حل نص السؤال هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية
نص السؤال: هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية لدى الإنسان؟ (خاص بشعبة الآداب وفلسفة).
نرحب بكم اعزائي الزوار في موقع لمحة معرفة lmaerifas.net التعليمي يسرنا زيارتكم موقعنا الأول المتميز بمعلومات الصحيحة على أسالتكم المتنوعة من شتى المجالات التعلمية والثقافية والاخبارية كما نقدم لكم الكثير من الأسئلة بإجابتها الصحيحه من مصدرها الصحيح ومن أهمها إجابة السؤال ألذي يقول........مقالة فلسفية هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية شعبة آداب و فلسفة بكالوريا 2022
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
مقالة فلسفية هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية
هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية
منذ أن أعلن (سقراط) أول فلاسفة البشرية عن مقولته الخالدة " إعرف نفسك بنفسك" ومحاولات الفلاسفة وعلماء النفس ما فتئت تتوقف في الكشف عن خبايا الحياة النفسية، فقد ساد الاتفاق تاريخيا والى غاية القرن التاسع عشر بأن الحياة النفسية هي حياة شعورية وغدت هذه الفكرة هي القرار الذي لا قرار بعده في مجمل أحقاب العصر الحديث فما لا نشعر به فهو ليس من أنفسنا وهذا ما دافعت عنه النظرية الكلاسيكية، لكن الدراسات المعاصرة في ميدان علم النفس قد أفرزت طرحا مغايرا وجديدا يتجاوز ويقوض الطرح التقليدي وهذا من خلال الإعلان عن وجود مجال خفي ومظلم في النفس يؤثر في السلوك دون الشعور به مما يدل على أن الحياة النفسية ليست هي حياة شعورية فقط، وانطلاقا من هذا الجدل القائم بين أنصار التصورين حق لنا أن نتساءل:
هل يمكن اعتبار الشعور مبدءا كافيا لتفسير السلوك الإنساني؟ وبتعبير آخر هل يرجع ما نقوم به من سلوكات وما نعيشه من أحوال نفسية إلى الشعور أم أن للاشعور أثر في الحياة النفسية؟
يرى عدد من الفلاسفة وعلماء النفس أصحاب التصور الكلاسيكي أمثال 'ابن سينا' و'روني ديكارت' أن الشعور هو مبدأ الحياة النفسية، وهذا راجع إلى أن الحياة النفسية هي حياة واعية، فالإنسان يعرف أحوال نفسه الداخلية "الباطنية" كالشعور بالفرح، الحزن....ويمتاز الشعور كونه ذاتي أي أنه يخص صاحبه، وكونه تيار مستمر دائم الجريان أي أنه لا يعرف الانقطاع، ولعل هذا ما عناه ابن سينا حينما قال: " الشعور بالذات لا يتوقف أبدا "، كما أنه متغير لان الإنسان لا يستطيع العيش دائما في حالة نفسية واحدة، إذن فالحياة النفسية والحياة الشعورية مفهومان متكافئان فما هو نفسي يرادف ما هو شعوري يقول ديكارت: "ليس هناك حياة نفسية خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية "، ومن الحجج التي اعتمد عليها أنصار هذا التصور كون الحياة النفسية هي من البداية إلى النهاية حياة شعورية فمن التناقض وغير المنطقي القول بأننا نشعر بما لا نشعر به والتسليم بوجود حياة نفسية لا شعورية هو من باب الجمع بين نقيضين، إذ لا يمكن تصور نفس لا تشعر وهذا ما أكده ديكارت حينما أقام فصلا بين النفس والبدن أي الإقرار بالثنائية التي تطبع الإنسان، فالنفس مستقلة عن الجسم وهي تعي أحوالها وما يجري من في العالم الباطني من حالات وعواطف لأنها جوهر مفكر بمعنى أن النفس لا تنقطع أبدا عن التفكير إلا إذا انعدم وجودها، يقول ديكارت: " متى انقطعت عن التفكير انقطعت عن الوجود ".
إذن الشعور حسب اعتقد أنصار هذا الموقف هو حدس بل صورة للظواهر النفسية وهو بذلك معرفة أولية مباشرة وهو مطابق للحياة النفسية، فكل ما هو نفسي هو شعوري.
لكن هذا التصور قد واجه عدة اعتراضات ولم يسلم من الانتقادات خاصة ما تعلق منها بنتائج الدراسات والبحوث العلمية المعاصرة التي بينت أن معطيات الشعور لوحدها لا تستطيع حل وفهم السلوك الإنساني، كما أن التجربة الواقعية تبين بجلاء كبير أننا نعيش العديد من الحالات النفسية دون معرفة سببها ولعل هذا ما قصده رائد المدرسة السلوكية واطسن حينما قال: " الشعور خرافة ميتافيزيقية ".
ونتيجة لما سبق أفرزت الدراسات العلمية المعاصرة في ميدان علم النفس طرحا مغايرا لما كان سائدا لدى أنصار علم النفس التقليدي، حيث أعلن العالم النفساني النمساوي سيجموند فرويد عن ميلاد تصور جديد يقوم على مسلمة أساسية قوامها أن للحياة النفسية جانبان أحدهما شعوري والآخر لاشعوري، فالشعور لا يمثل مجمل الحياة النفسية وإنما هو في حقيقة الأمر جزء ضئيل منها، وأن اللاشعور " والذي يعني به مجموع العمليات والدوافع التي تؤثر في سلوك الفرد وتفكيره، وفي مشاعره بدون أن يكون شاعرا بها" وهو الجزء الأعظم في حياتنا النفسية 'تماما مثل كرة الثلج التي تطفو على سطح الماء الجزء الأكبر لا يظهر منها وكذلك الأمر بالنسبة للحياة النفسية الجزء الأكبر الذي لا يظهر هو اللاشعور والجزء الضئيل الذي يظهر هو الشعور'، وفي هذا يقول فرويد: "إن تقسيم الحياة النفسية إلى ما هو شعوري وما هو لا شعوري هو الفرض الأساسي الذي يقوم عليه التحليل النفسي، وهذا التقسيم وحده هو الذي يجعل من الممكن للتحليل النفسي أن يفهم العمليات المرضية" وجدير بالذكر أن القول باللاشعور يعود في أصوله البعيدة إلى ليبنتز القائل " مائة ألف عنصر من لا شيء تؤلف شيئا"، إلا أن نظرية اللاشعور لم تتبلور بصورة متكاملة ومنسجمة إلا في العصر المعاصر مع عدد من الأطباء والعلماء النفسانيين، وهذا ما أكده فرويد بقوله: " ولسوف يدحض جنون العظمة البشرية مرة ثالثة بما يتم في أيامنا من بحث نفساني يروم أن يبين للأنا أنه ليس سيدا حتى في بيته"، فقد كانت بداية ظهور معالم نظرية اللاشعور مع بحث هام قام به العالم النفساني النمساوي "جوزيف بروير" حيث توصل ومن خلال علاجه لفتاة مصابة بداء الهستيريا إلى اكتشاف وجود علاقة وثيقة بين الأعراض العصبية والنشاطات النفسية اللاشعورية وهي الفكرة ذاتها التي تبناها ودافع عنها فرويد الذي يصرح قائلا: "...فهناك اكتشاف آخر قام به بروير أعتبره أنا أكثر أهمية" ويقول أيضا: "إن مجرد إعطاء معنى للأعراض العصبية بفضل تفسير تحليلي يشكل حجة دامغة على وجود نشاطات لاشعورية" وهموما فقد اعتمد فرويد وأتباعه على عدد من الأدلة والحجج لتبرير وتأسيس موقفهم هذا يمكن إجمالها فيما يلي:
معطيات علم النفس التقليدي ناقصة ولا تكفي لفهم السلوكات والأفعال النابعة من الإنسان المريض والسوي على حد سواء، وقد أثبتت التجربة العلمية هذا أكثر من مرة فتجارب التنويم المغناطيسي –على سبيل المثال – قد كشفت عن وجود صلة بين الأعراض والرغبات المكبوتة في اللاشعور، ويعبر فرويد عن هذا في قوله: "إن علم النفس الذي يقتصر على دراسة الشعور لا يستطيع حل مشكلتي الأحلام والتنويم المغناطيسي"، كما انه قد تصدر عن الإنسان عدة أفعال وسلوكات يجهل مقاصدها، فكثيرا ما تصدر عن المرء أقوالا مخالفة لنواياه وهذه الهفوات والزلات وغيرها لها دلالات نفسية لا شعورية (الكراهية، النفور، الغيرة...) ويقدم فرويد في هذا السياق مثال القاضي الذي لم يكن يرغب في إدارة شؤون المحاكمة فلما دخل إلى المحكمة قال للحاضرين رفعت الجلسة، ويمكن اعتبار الآليات الدفاعية مثل: الإسقاط، التبرير والمقاومة...التي يلجأ إليها المريض لاشعوريا حتى يمنع المحلل النفساني من التوغل داخل لاشعوره خير دليل على وجود مجال خفي ومظلم من النفس الإنسانية يؤثر فيها دون وعي منها.
ولكن ومع التسليم بأهمية نظرية اللاشعور في فهم العديد من الأعراض المرضية إلا أن التجربة الواقعية تبين أنها لم تنجح في فهم وتحليل كل الأعراض، كما أن تغليب اللاشعور وإعطاء الأولوية للغرائز قول لا ينسجم تماما مع الطبيعة الإنسانية، إذن فالمكانة المرموقة التي احتلتها مدرسة التحليل النفسي التي حاولت تجاوز آراء علماء النفس التقليدي لم تقدم الحل المتكامل وهذا بتغليبها لكفة اللاشعور، لان الحياة النفسية تتأسس على ثنائية متكاملة قوامها الشعور بحوادثه وأحواله واللاشعور بمخزونه المتنوع.
إذن وتجاوزا لتلك الانتقادات والسلبيات التي حملتها النظريتان الشعورية واللاشعورية يمكننا القول أن الحياة النفسية هي حياة شعورية ولاشعورية معا لأننا نشعر في كثير من الأحيان بما يجول في أعماق أنفسنا كما أننا في أحيان أخرى نجهل ولا نعي ما يصدر منا من أفعال وسلوكات وهذا ما يعزز فرضية وجود الشعور واللاشعور كطرفين لا يمكن تغليب أحدهما على الآخر في مجال فهم الحياة النفسية.
مما سبق نستنتج وكحل للمشكلة المتعلقة بالحياة النفسية والأساس الذي تقوم عليه أن الشعور ليس هو المبدأ الوحيد المتحكم في الحياة النفسية كما اعتقد علماء النفس التقليدي لان الدراسات العلمية قد بينت وجود جانب آخر خفي وهو اللاشعور وعليه أصبح من المنطقي القول أن الحياة النفسية هي حياة شعورية ولاشعورية أيضا…