اذكر اقتباسات من رواية قرية ظالمة، سيحل الناس القتل والإيذاء بدعوى الدفاع عن الدين وحماية العقيدة حينًا، وبدعوى الدفاع عن الوطن والنفس حينًا آخر، إلا فاحذروا الأمرين، إن من حمل السلاح أو آذى الناس دفاعًا عن الدين فقد وضع الدين فوق الله الذي يأمر بالحب لا بالقتل، والله كفيل بحفظ دينه وليس في حاجة إلى عبيد خاطئين ينقذونه، إن الذين يدافعون عن الدين بإيذاء الناس إنما يدافعون عن رأيهم وحدهم، بل أكثرهم إنما يدافع عن حقوقه ومزاياه، ويتخذ الدفاع عن العقيدة عذرًا يعتذر به.
سيضل الناس عندما يعتقدون أن الجماعة أعظم من الفرد، وأن خيرها أعظم من خير الفرد، وأن نفعها يسوغ الإغضاء عن ضمير الفرد، إنما الجماعة صنم يدعوكم لعبادته من تنفعهم هذه العبادة؟ و يزينون لكم أن الجماعة تسعد وإن لم يسعد أفرادها، وهو وهم يقول به من يعنيه أن يشقى عدد كبير من الناس ليسعد عدد قليل منهم، إن الصالح العام لأخطر الأوثان وأشدها ضررًا حين يعبد فيطغى على أوامر الضمير، فالجماعة تُقدِم على الشر في يسر بالغ لأن أفرادها يقتسمون وزر الإثم فلا يشعر أحد منهم أنه آثم حقًا، ويعفيه من الندم أن له شركاء وأن نصيبه من الذنب ضئيل، وأنه لو لم يشترك فيه لوقع على كل حال.
الجماعة تقدم على الخير في صعوبة لأن كل فرد منها يؤثر أن يُنسب إليه الفضل، والجماعة تُحجِم عن الخير فلا يعفي ذلك أحدًا من أفرادها من الندم وتأنيب الضمير ويظل كل فرد منها يعد نفسه آثمًا إذ لم يقم بواجبه وحده ولو كره غيره أن يتعرض للخطر، لهذا كان الإقدام على الشر أسهل على الجماعة، والإقدام على الخير أصعب على الجماعة، أما الإحجام عن الخير فهو مجلبة للندم سواء أكان الإنسان وحده في هذا الإحجام أم كان له فيه شركاء.
إن ضمير الفرد لايمنع ان ترتكب الجماعة أعظم الذنوب؛ مادامت ترتكب باسم الجماعة؛ والضمير وحده هو الذي يصرف الناس عن الشر؛ والجماعات لا ضمير لها؛ ولا يزعج ضمير أحد من أفرادها ما ترتكبه جماعته؛ مهما كان الإثم عظيمًا.
إن القوة إذا انتصرت للحق فالنصر للقوة لا للحق، وإن القوة من طبعها الشطط فلا تلبث أن تنتصر للباطل، وأنه إذا اصطدم الحق والباطل وانهزم الحق فإن ضمير الناس وسير التاريخ كفيلان بإصلاح الخطأ، إما إذا استعان الحق بالقوة فالغلبة لها، ومادام الحق فى المحل الثانى فسيان أن يكون خاضعًا للقوة او للباطل.