عزيزي هنا وهي كالتالي :
حكاية مغترب فقد محفظة نقوده وجواز سفره بعدما حزم امتعته للعودة الى بلده، ما هي قصة مغترب عاد الى وطنهن واريد منكم خاطرة مكتوبة عن مغترب عن وطنه، ما هي قصة الغربة كاملة، حنين المغترب الى وطنه
البداية :
تبدأ قصتي بعد تخرجي من الدراسة الجامعية بثلاث سنوات حيث كنت قبلها قد أنهيت دراستي في المعهد وقد التحقت بالعمل الوظيفي بعده مباشرة , عن طريق قريب لي في محاولة مني ومن عائلتي من تأجيل الالتحاق بالخدمة العسكرية الالزامية , وخوض تلك الحرب الدائرة بين بلدي والبلد الجار الذي يقع في الشرق منه ,
ولكن كان الأمر ليس بمثل ما نتمناه ان يكون , فمع استمرار التفكير للخلاص من هذا البلاء , الذي ابتلى به كل شباب ورجال ونساء بلدي , فقد وجدت أن إكمال دراستي في الجامعة هو المنفذ الوحيد للتخلص من هذه الورطة التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل ,
ولكن ذلك غير ممكن فحكومة بلدي قد أغلقت كل الدراسات المسائية , مما تحرك الاهل مرة اخرى لصالحي حيث نقلت الى وظيفة مسائية في احدى المكتبات العامة ليتسنى لي اكمال دراستي الصباحية التي انهيتها في الرواق الجامعي لاربع سنوات وانا احمل هوية طالب مما يجعلني في مأمن من الخدمة المفروضة علي ,
لكن هذا لم يمنعني من المشاركة ثلاث مرات تحت غطاء المليشيات الشعبية ضمن منطقتي ولكنها كانت خفيفة الاداء وقصيرة الامد ,
بيد اني وفي احدى المرات وحيث كنت في الجنوب طلب منا قائد المجموعة التي انا فيها ايصال ذخيرة ومؤونه الى الخطوط الامامية من القتال , وما ان وصلنا للموقع المطلوب صباح ذلك اليوم الذي اراه وحتى كتابة هذه السطور هواليوم الاسوء في حياتي , فقد داهمونا الخصوم بهجوم معاكس من الجهة المقابلة واصبح كل منا تحت اي غطاء او ساتر , وهو يروم ان ينجو من الجحيم الذي بات ينهال علينا من كل صوب ,
وكنت انا ومن معي حيث لم نمتلك اي استراتيجيات بالتحرك كالاختباء اوالمقاومة او المناورة , فنحن كنا مجرد مجاميع خدميه يراد بها دعم القوات المقاتله في الخطوط الامامية
لااعرف كيف فكرت ان ارمي بنفسي في خندق يشكل الحرف ال باللغة الانكليزية , حيث استقريت فيه استقرارآ تاما منتظرآ اما جلاء الموقف او الوقوع بالاسر , ولكن افكارآ
اخرى قد راودتني واخذت اتسءل مع نفسي ,
ماذا لو ان دبابة او الية ثقيلة سحقت سطح الخندق وانهار فوقي ؟
ماذا لو احدآ رمى ( رمانة يدوية ) في الخندق ومزقتني اربآ اربا ؟
ماذا لو سقطت اسيرآ في يد المهاجمين ؟
ثم سئلت نفسي عكس ذلك , ماذا لو اعتبرني آمر القاطع قد جبنت وساقني للاعدام كما هو متعارف عليه في المواقع القتالية الامامية ؟
افكار كثيرة راودتني وانا لا املك لها اي جواب , وصوت الرصاص وانفجارات القنابل , تصم اذني وانا ارتجف خوفآ ورهبه ..... !!!
وما هي الا ساعة من الزمن حتى سمعت صراخ واوامر الجنود المهاجمه فوق راسي , ومن شدة خوفي وتشبثي بالحياة لملمت نفسي وقطعت انفاسي وارتجف , ولا اعرف ما افعله !
ومرت بعض الاليات من جانبي الخندق وبجواره وكل صوت او حركه يزيدني رعبآ وخوفآ , وازداد التصاقي بالحياة ودعاء وصلاة لله
ساعتين او اكثر قد مضت ... حتى عادت الاصوات والقذائف من جديد واصبحت كالمطر تتساقط هنا وهناك وازيز الطائرات المغيرة بات يصم الاذان ويزيد الموقف رعبآ , ثم جاءت هرولة الجنود وصراخهم بلغتهم التي لا افقهها وهي تتعالى من هنا وهناك , وقد خمنت مع نفسي , ان المهاجمون قد تم صدهم وبقوة من قبل قوات بلدي برا وجوا واخذوا يتقهقرون من حيث اتوا ,
وقد انتابتني الحيرة والهواجس والتسلؤلات مرة اخرى ,
هل اخرج لهم آم انتظر ؟
كيف سيعرفون انني منهم ؟
ربما ستسبق اطلاقات بنادقهم حينما يروني قبل ان اعرفهم بنفسي ... !
ربما سيعتبروني متخاذلا... !
وربما سيسألوني .... لماذا لم ياخذوك اسيرآ ؟.... وكيف تركت حيآ ؟.
.....ربما سيحيلوني لمحكمة العسكرية ... !؟
وهل سيصدقون اقوالي ... اذا قلت لهم الحقيقة ؟
افكار كثيرة تنتابني وان وسط حياة او موت بين لحظة وضحاها , وقد خطرت ببالي فكرة , لااعرف كيف اهتديت اليها , حيث قلت مع نفسي اذا شاهدت شيء من هذه الاحتمالات , سابادرهم وعلى الفور دون ان انتظر سؤالهم عني موضحا لهم , انني من قوات المليشيات الشعبية وغير مسلح,
وهي حقيقية حيث تم ارسالنا مع الاخرين بدون سلاح وانما بحماية افراد من الجيش لايصال المؤنة والذخيرة من المعسكر الخلفي الى المعسكر الامامي , والحالة هذه لايمكنني القتال وانا اعزل مما اضطررت للاختباء ... ,
ثم سئلت نفسي وهل سيكون لهم الوقت الكافي لسماعي قبل ان يضغط احدهم باصبعه على الزناد ؟ وتشبثت برحمة الله ....
لم يطول تفكيري كثيرا واذا بجندي يقفز في الخندق وهو يدعو زميله للقفز معه في الخندق , وما ان نزل اولهم والثاني يهم بالنزول حتى صرخت بهم :
( اهلا اخوتي .... حياكم الله ) ,
فالتفت احدهم لي بذعر وقال : ( من انت ....؟ )
فقلت له وبكل ثقة : ( مليشيا شعبية .... غير مسلح ... انا ........)
فقاطعني قائلا : ( ابقى كما انت )
وبقيت ممدا كما انا وحمدت الله وشكرته لانجلاء اول هم , بينما راح هو وزميله يرميان وبغزارة , ثم سألني :
- (أتعرف تملأ مخازن البنادق ؟ )